إجهاض حمل المغتصبات؟
السؤال :
هل يجوز إجهاض حمل المغتصبات؟
الإجابة
الحمد لله وبعد فإن مثل هذه النازلة مرت بالكثير من النساء المسلمات كما حدث في الشيشان والبوسنة وفي العراق وغيرها من الدول واليوم في سوريا وقد أصبحت الفتيات المسلمات الحرائر هدفا لجنود الطغاة في السجون وفي حروبهم على شعوبهم وكذلك للجنود المحتلين للبلدان وهنا مسائل مهمة في أحوال المرأة المغتصبة
أولا: أن المرأة المغتصبة التي قاومت وبذلت وسعها في المقاومة لهؤلاء المجرمين لا ذنب لها لأنها مكرهة والمكره مرفوع ذنبه في الكفر الذي هو أشد من الزنى كما قال الله تعالى: (إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان) سورة النحل/106 .
وفي الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: (إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) رواه ابن ماجه في (الطلاق/2033) وصححه الألباني بل إنها مأجورة في صبرها على هذا البلاء إذا ما هي احتسبت أجر أذاها عند الله عز وجل فقد روى البخاري ومسلم في صحيحيهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب‘ ولا هم ولا غم‘ حتى الشوكة يشاكها‘ إلا كفر الله بها من خطاياه)
ثانيا: على الشباب المسلم أن لا يستنكفوا من الزواج من هؤلاء الفتيات المغتصبات وعليهم أن يحتسبوا الأجر في التخفيف من معاناتهن
ثالثا: أما إجهاض الحمل فإن الأصل في الإجهاض هو المنع، منذ يتم العلوق، أي يحصل تلقح الحيوان المنوي الذكر بالبويضة الأنثوية، وينشأ منهما ذلك الكائن الجديد، ويستقر في قراره المكين في الرحم. فهذا الكائن له احترامه وإن جاء نتيجة اتصال محرم كالزنا، وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الغامدية التي أقرَّت بالزنا واستوجبت الحد وهو الرجم، أن تذهب بجنينها حتى تلد، ثم بعد الولادة أن تذهب به حتى يفطم. وهذا القول هو اختياري للفتوى في الحالات العادية، وإن كان هناك من أهل العلم من يُجيز الإجهاض إذا كان قبل مضي أربعين يومًا على الحمل، عملاً ببعض الروايات التي صحت بأن نفخ الروح في الجنين يتم بعد أربعين أو اثنين وأربعين يومًا.
بل هنالك من الفقهاء من يرى جواز الإجهاض إذا كان قبل مضي مائة وعشرين يومًا، عملاً بالرواية الأشهر بأن نُفخ الروح يتم عند ذلك.
والقول الراجح إن شاء الله هو ما ذكرناه أولاً، ولكن في حالات الأعذار لا بأس بالأخذ بأحد القولين الآخرين، وكلما كان العذر أقوى كانت الرخصة أظهر، وكلما كان ذلك قبل الأربعين الأولى كان أقرب إلى الرخصة.
وإن مما لا شك فيه أن الاغتصاب من عدو كافر فاجر، معتد أثيم، لمسلمة عذراء طاهرة عذرٌ قوي، لدى المسلمة ولدى أهلها، فهذه رخصة يُفتى بها للضرورة، التي تقدر بقدرها.
ونحن نعلم أن من الفقهاء من لا يجيز الإسقاط لمجرد العلوق ولو ليوم واحد بل هناك من حرم الامتناع عن الحمل الاختياري سواء عن طريق استعمال موانع الحمل أو العزل الذي جاء في بعض الروايات تسميته بالوأد الخفي فلا عجب بعد ذلك أن يحرم الإجهاض بعد الحمل والقول الأرجح هو التوسط بين المتوسعين في الإجازة، والمتشددين في المنع. ومن ثَمَّ تكون الرخصة مقيدة بحالة العذر المعتبر، الذي يقدره أهل الرأي من الشرعيين والأطباء والعقلاء من الناس، وما عدا ذلك يبقى على أصل المنع.
والخلاصة: أن الصحيح من أقوال أهل العلم جواز إجهاض حمل المغتصبة قبل نفخ الروح لأن في بقائه ضرر كبير على الأم من حيث سمعتها وشرفها وأن تبقى منبوذة أو أن تتعرض للأذى كالقتل مثلاً‘ أو أن تتعرض لمرض نفسي أو عصبي‘ أو أن يصيبها في عقلها شيء‘ أو أن يبقى العار يلاحق أسرتها‘ في أمر لا ذنب لها ولا لهم فيه خاصة في مثل هذه الظروف‘ وجواز الإجهاض مشروط بتحقق الاغتصاب‘ وغلبة الظن بسلامة عملية الإجهاض‘ وكلما كان الإجهاض في وقت مبكر بعد الحادثة كان إلى الجواز أقرب‘ مالم تنفخ فيه الروح فيحرم الاجهاض بالاتفاق سواء كان ناتجا عن اغتصاب أم باتصال محرم كالزنى‘ وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الغامدية التي أقرت بالزنى واستوجبت الرجم أن تذهب بجنينها حتى تلد‘ ثم بعد الولادة حتى الفطام هذا والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل
2021-09-25 12:07:37