فتاوى

الإسلام يحرص على ضبط الأمة والتقريب فيما بينها البين، وجعلها تسير في أمر أو بطريق منتظم مستوي غير متشابك أو متعارض أو يؤدي إلى الاضطراب، ولهذا وضع الأنظمة والتشريعات والأحكام لجمع هذه الأمم وتنظيم شؤونها، ومن ذلك تنظيم مسألة دخول الأشهر وخروجها ومن أهمها دخول شهر رمضان، ومجيء العيد وشهر الحج كان لها عناية خاصة من أجل أن تؤدى هذه العبادات بشكل جماعي وموحد بين المسلمين.
ـــــــــــــــــــ
هذا هو فلذلك أعطانا الرسول صلى الله عليه وسلم قانونًا عاماً لو انضبطنا به لسلمنا من هذه الإشكالات، وقول النبي صلى الله عليه وسلم "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فاكملوا العدة، أو أكمل عدة شعبان ثلاثين" هذا واحد وفي حديث آخر صحيح "صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون وأضحاكم يوم تضحون" ما معناه؟ معناه أن المقصد الأعظم أن تصوموا معًا، وأن تفطروا معًا، وأن تضحوا معاً حتى لو حصل هذا بزيادة يوم أو قصور يوم فإن ذلك لا يؤثر، ويبقى اليوم الذي تبدؤون فيه مجتمعين هو يوم الصيام وإن كان خطأ.
ـــــــــــــــــــــ
بالضبط مع مراعاة العلامة الكبرى لدخول هذا الشهر، وهو رؤية الهلال هذا واحد.
الأمر الثاني الأصل في إثبات الأشهر القمرية والرؤية أنَّنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب، وقال صلى الله عليه وسلم "فصوموا لرؤيته و أفطروا لرؤيته فإن غُمّ عليكم فاكملوا العدة" جيد فمن هنا ينبغي أولاً أن نفهم معنى صوموا هذا الخطاب الموجه للأمة كلها، هل برؤية واحد من المسلمين يصوم الناس كلهم، أو لابد أن يراه كل واحد من المسلمين هذا مستحيل وليس مقصود، إذاً المقصود إذا رآه من تقوم برؤيته الحجة وجب على من بلغه من المسلمين أن يصوموا لرؤيته، وأن يفطروا لرؤيته لكن يبقى أمر آخر له اعتباره وهو تباعد اقطار المسلمين تباعدًا كبيرًا فمثلاً الذي في اندونيسيا مع الذي في أوروبا أو في المغرب وموريتانيا، هنا ثبت بالتكرار الدائم والمنتظم أن الذي في الشرق يتأخر على الذي في الغرب يوماً أو يومين، وبالتالي قال العلماء باعتبار المطالع فمن كانت مطالعهم متقاربة كان رؤية أحدهم في أي بلد من هذه البلدان رؤية للجميع ومن تباعدت بلادهم عن بعضها كما هو بُعد الهند أو اندونيسيا عن المغرب فإن لشرق البلاد رؤيتها، ولغربها رؤيتها هذا من حيث الجملة، لكن البلدان أصبحت كل دولة مستقلة كما هو معلوم الآن التقسيم هذا الذي أصبحنا فيه واقعاً مكروها غير مرضي أن يصبح المسلمون متجاورين وربما بلدة واحدة كانت يوم من الأيام انقسمت إلى قسمين جزء من هذه البلدة أقصد قرية أو مدينة جزء منها تابع لدولة وقسم.
القسم الغربي أو الشرقي تابع لدولة أخرى هنا ينبغي أن يراعى أمر مهم وهو أن يتقي الله القائمون على أمور إثبات الأهلة بأن يوحدوا رؤيتهم، ويوحدوا إثبات الشهور، و أن يتبع أي بلد لم يرى فيه الهلال، ثم جيرانه رأوا الهلال أن يتبعوهم، و أن تتدخل السياسة نحن متفقون أو غير متفقين في أن يتبع هذا البلد، البلد الآخر أو لا يتبعه، ولكن أقصد من هذا فلذلك أولاً كما قلت أن نعتبر المطالع الأمر الثاني أننا إذا لم نستطع أن نوحد الأمة كلها على صيام في يوم واحد وإفطار في يوم واحد، فلا نفرق أهل البلد الواحد يعني بلد مستقر كالمملكة فرضًا أهل الحجاز لم يروه أهل نجد رأوه فداخل المملكة مع أن المملكة هي الحقيقة قدوة يتبعها الناس من شرق الأرض وغربها، لكن دولة أخرى مثلاً اختلف القائمون على أمر إثبات الهلال، أو في البلد نفسها رأوا أنه لم يثبت، وفي المملكة هنا ثبت وفي الخارج لم يثبت، فتجد أن بعضهم يقول لا أنا أتبع المملكة لأنها بلاد الحرمين، و لأنها أكثر اهتماماً بإثبات الأهلة وعندهم إمكانيات وبلادنا فيها أقلية من المسلمين و أكثرية من غيرهم، و بالتالي لو نأتي لنثبت مع من وضعته الدولة لتسجيل شؤوننا الدينية قد يشطّون بنا بعيدا فنحن نتبع البلاد ونترك بلادنا داخل البلد الواحد إذا ثبت داخل البلد الواحد علينا أن نلتزم به لم يثبت علينا أن ننتظر ونصوم مع أهل بلدنا لماذا؟ كي لا نجزئ المجزأ ونفرق أن نفرق.