إخراج المنبر لصلاة العيد
السؤال :
هل من السنة إخراج المنبر لصلاة العيد فيقف عليه الإمام ؟
الإجابة
ليس من سنة رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسـلم – الصحيحة إخراج المنبر لصلاة العيد , إنما روي ذلك في أحاديث لا تصح , وقد وردت روايات صحيحة بدون ذكر المنبر ؛ كما في حديث ابن عباس في ” الصحيحين ” وكذا حديث أبي سعيد عن البخاري ومسلم , وفي رواية عند مسلم برقم (2050) أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – كان يخرج يوم الأضحى ويوم الفطـر ,
فيبدأ بالصلاة , فإذا صلى صلاته وسلم ؛ قام فأقبل على الناس, وهم جلوس في مصلاهم … وفيه: فلم يزل كذلك حتى كان مروان بن الحكم, فَخَرَجْت مخاصرًا مروان , حتى أتينا المصلى ؛ فإذا كثير بن الصلت قد بنى منبرًا من طين ولَبِن , فإذا مروان ينازعني يده , كأنه يجرني نحو المنبر , وأنا أجره نحو الصلاة … الحديث , وعند أبي داود(1140, 4340) وغيره رواية فيها: فقام رجل , فقال: يا مروان , خالفْتَ السنة, أخرجْتَ المنبر في يوم عيد , ولم يكن يخرج فيه , وبدأت بالخطبة قبل الصلاة … الحديث.
واستدل من رأى جواز إخراج المنبر بروايات لا تصح: أما لأن سندها ضعيف , أو لأنها في خطبة الحج لا العيد , وأقوى ما يمكن أن يستدلوا به حديث جابر: أن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قام فبدأ بالصلاة , ثم خطب الناس بعد , فلما فرغ نبي الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – نزل , فأتى النساء فذكرهن , وهو يتوكأ على يدي بلال … الحديث أخرجه البخاري برقم (961) ومسلم برقم (2044) .
إلا أن حديث جابر نفسه فيه رواية أخرى عند مسلم برقم (2045) قال: شهدت مع رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – الصلاة يوم العيد , فبدأ بالصلاة قبل الخطبة , بغير أذان ولا إقامة , ثم قام متوكئًا على بلال , فأمر بتقوى الله , وحث على طاعته , ووعظ الناس وذكَّرهم , ثم مضى حتى أتى النساء , فوعظهن وذكرهن , … الحديث فهذه الرواية توضح أنه ليس هناك منبر لقول جابر: ” ثم قام متوكئًا على بلال …” الحديث , وأما قوله: ” فلما فرغ رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – نزل ” , ففي ” زاد المعاد ” (1/429-431) رجح عدم إخراج المنبر , ثم أَوَّلَ هذا القول , أي أنه نزل عن دكان (مصطبة) أو مكان مرتفع . اهـ وبنحوه قال الحافظ في ” الفتح ” (2/467) فقال: ” فيه إشعار بأنه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – كان يخطب على مكان مرتفع , لما يقتضيه قوله: نزل , وقد تقدم في باب الخروج إلى المصلى , أنه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم- كان يخطب في المصلى على الأرض , فلعل الراوي ضمن النـزول معنى الانتقال … ” اهـ أو يكون المراد أنه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – تحول من هيئته التي كان متكئًا فيها على بلال – جمْعًا بين روايتي حديث جابر- والله أعلم .
وإذا كانوا قد ذكروا إخراج العنـزة , لِتُتَّخَذَ سترة في العيد – والمنبر أكبر من العنـزة – فلماذا لم يذكروا إخراج المنبر؟ ولو وقع لنقل , فالصواب عدم إخراج المنبر , والخطبة على الأرض , إلا إذا كثر الناس , واحتاج الخطيب أن يقف على مكان مرتفع – وإن كان منبرًا – فعل ذلك للحاجة , والله أعلم .
وقد ذهب الشافعي في ” الأم ” (1/394-397) والنووي في “المجموع” (5/22-23) إلى استحباب الخطبة على المنبر , قياساً على الجمعة , والسنة أولى بالاتباع , كما سبق , والله أعلم .
وعَدَّ الكاساني الخطبة على المنبر من العمل المتوارث بين المسلمين , فلا يترك . انظر ” بدائع الصنائع ” (1/415) ورجح ابن رجب في
” فتح الباري ” (9/45) عدم الخطبة على المنبر , وهو الصواب – على التفصيل السابق – والله أعلم .
2021-09-12 13:01:31