الاحتجاج بالقدر إذا أخطأ الطبيب
السؤال :
ما حكم الاحتجاج بالقدر إذا أخطأ الدكتور وارتكب في حق المريض تلفا أو موتا يقول هذا مكتوب قدره الله؟ وهل يكون عليه شيئا مثل الدية أو أرش؟
الإجابة
الإيمان بالقدر ركن من أركان الإيمان والرضا بالقدر في حال حصول المصائب والأمراض والمتاعب هو المطلوب من المؤمن فعن ابن عباس أن النبي قال (إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله إذا أحب قوما ابتلاهم فمن رضي فله الرضا ومن سخط فله السخط) رواه الترمذي وحسنه.
فهذا هو مقتضى الإيمان بالقدر وأما أن يحتج المرء بالقدر على أخطائه وتقصيره وذنبه فإن ذلك لا يجوز ولا يدخل في هذا الباب قول الله تعالى منتقدا على المشركين المحتجين على شركهم بالقدر: (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا ولا حرمنا من دونه من شيء كذلك كذب الذين من قبلهم حتى ذاقوا بأسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتبعون إلا الظن وإن أنتم إلا تحرصون قل فلله الحجة البالغة ولو شاء لهداكم أجمعين) الأنعام 148 / 149 قال الشيخ السعدي رحمه الله تعالى فأخبر تعالى أن هذه الحجة لم تزل الأمم المكذبة تدفع بها عنهم دعوة الرسل ويحتجوا بها فلم نجد فيهم شيئا ولم تنفعهم ثم ذكر لردها عدة أوجه حتى قال : ومنها أن المحتجين على المعاصي بالقضاء والقدر يتناقضون في ذلك فإنهم لا يمكنهم أن يطردوا من ذلك بل لو أساء إليهم مسيء بقرب أو أخذ مال أو نحو ذلك واحتج بالقضاء والقدر لما قبلوا منه هذا الاحتجاج ولغضبوا من ذلك أشد الغضب فيا عجبا كيف يحتجوا على معاصي الله ومساخطه ولا يرضون من أحد أن به في مقابلة مساخطهم (ص 241) وعلى ما ذكر فإن ذلك الاحتجاج يكون من المغالطة بل من سوء الأدب مع الله تعالى حيث يحتج بقدره على معصيته أو على تقصير وأما ما يترتب على ذلك الخطأ فإنه إن كان ناتجا عن جهل بذلك العمل وتعرض لما لا يحسنه ذلك الطبيب أو كان ناتجا عن إهمال منه فإنه يلزم شرعا بالدية أو الأرش الذي يجب للمتضرر من عمله, وللمريض وأولياء المتوفى محاكمته والمطالبة بحقهم الشرعي منه كما أن على الجهات المختصة أن تمكن أولئك من أخذ حقهم وأن تقوم بتأديب ذلك الجاهل أو المهمل تأديبا شرعيا يردعه ويكون نكالا لغيره والله أعلم.
2021-10-10 08:18:05