الاحتفال بمولد النبي
السؤال :
نحن الآن في شهر ربيع الأول، وغالباً ما يتناول فيها قضية مولد النبي عليه الصلاة والسلام، وهناك كثير من الأسئلة التي تسأل عن حُكم الاحتفال بالمولد النبوي؟.
الإجابة
فبداية لا يؤمن من لا يحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل من لا يحبه أكثر من ولده ووالده والناس أجمعين هذه مسلمة من مسلمات الإيمان، فقضية المزايدة على من يحب الرسول ومن لا يحب الرسول أن علامة محبة الرسول كذا أو كذا، لابد أن نضع في أذهاننا ونقولها ونعلنها للجميع أنه لا إيمان لمن لا يحب الرسول صلي الله عليه وسلّم هذه واحد.
الثانية أن علامة محبة الرسول صلى الله عليه وسلّم ليست بالدعوة ليس بأن يدّعي الإنسان أنه يحبه، أو أن الإنسان يزع للناس الصفات فلان يحب الرسول صلى الله عليه وسلم و الآخر لا يحبه أو الجماعة الفلانية و المذهب الفلاني يحبون الرسول صلى الله عليه وسلّم و الآخرون لا يحبه، هذا ليس إليهم أبداً و إنما البرهان على محبة الله واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }
[ سورة آل عمران : 31 ] وهو نفسه البرهان على محبة الرسول صلى الله عليه وسلم، إذا كانت محبة الله عز وجل لا تكون دعوة محبة الله صادقة إلا باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، فكذلك دعوى محبة الرسول لا يمكن أن تكون بغير اتباعه عليه الصلاة والسلام ومن مقتضى اتباعه أن نلتزم بسُنته، وسنته قولية وفعلية، و وصفية، وكذلك مما يقتضيه الاتباع أن نفعل حين يفعل، و أن نترك حين يترك، أن نسير حيث يسير، ونقف حيث يقف، فلسنا أكثر معرفة بالله ولا بما يقرب إلى الله ولا بطريق الجنة من الرسول صلى الله عليه وسلم ومن أصحابه، ولهذا فإن أبلغ و أقوى حجة على محبة الرسول صلى الله عليه وسلم أن نقيد أنفسنا بمتابعته، فنفعل حين يفعل، ونترك حين يترك، و نمتثل ونقتدي به صلى الله عليه وسلم في الأحوال كلها هذه الثانية.
الثالثة في ربيع الأول وفي القرون المتأخرة يكثر الكلام عن مولد النبي صلى الله عليه وسلم وعن الاحتفال بذلك، وعن عمل الموالد فأصبح المولد شعار ومصطلح معروف عند المسلمين في أطراف الأرض حقيقة، لكن هذا لابد أن ينظر إليه من عدة جوانب أولاً، هل صح بدرجة أن الرسول صلى الله عليه وسلم ولد في يوم اثنى عشر ربيع الأول والذي ثبت أنه ولد يوم اليوم الإثنين وهذا بتصريحه صلى الله عليه وسلم عندما كان يصوم الإثنين، فسئل عن ذلك فقال يوم ولدت فيه وبعثت فيه و أنزل عليِ فيه، فهذا يوم الإثنين لا شك فيه، لكن كونه في ربيع الأول أو في غير ربيع الأول كونه في يومنا الثاني عشر، أو قبله أو بعده هذا فيه خلاف.
ثالثاً الشيء المعلوم أنه لم يقم للرسول صلى الله عليه وسلم، ولا خلائفهم الراشدون، ولا الصحابة رضوان الله عليهم ولا التابعون لهم بإحسان، ولا من تبعهم، ولا الأئمة المتبوعون، لم يقيموا مولداً هم ولم يدعوا إلى إقامة مولد، و لم يكونوا يعرفون هذه الأمور بالمرة ما كان ذلك معروفاً عندهم بالمرة، و كل خير في اتباع ما سلف و كل شر في ابتداع من خلف هذه، ثم بعدها متى أحدث هذا المولد؟ أحدث هذا المولد في أيام الدولة الفاطمية والتي تُدعى فاطمية وهي في الحقيقة عُبيدية نسبة إلى عبيد الله ابن ميمون القدّاح المجوسي، وهو دولة معروفة باطنية معروفة، لأنهم يريدون أن يُعظّموا أنفسهم، ويعظمون من يعظمونهم ممن سلفهم، وضعوا أو أنشأوا مواليد ذكرها المقريزي في كتابه الخطط المقريزية وذكر ١٦مولد منها.
واحد هو مولد الرسول صلى الله عليه وسلم، وهناك مولد فاطمة، وهناك مولد علي، ثم موالد خلفائهم يعني ملوكهم الفسقة الفجرة بل الكفرة وميلاد أو مولد الحاكم الحاضر إمام العصر، وهو أعظمها و أكثرها احتفال، و أكثرها بهجة، فإذا رجعنا إلى ما قلناه من أنه لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم، ولم يفعله الصحابة ولا الخلفاء الراشدون ولا التابعون لهم بإحسان، ولا من تبعهم ولا أئمة المسلمين المتبوعون، إذاً فهؤلاء لم يفعلوه، وفعله الرافضة الباطنية الدولة الفاطمية ثمانية إن كنا نجعل عمل المولد برهانًا على المحبة فمن يا ترى يحب الرسول، أيحب الرسول صلى الله عليه وسلم صحابته و تابعوهم وعلماء المسلمين و أئمتهم أم يحبه أكثر الباطنيون الملاحدة ؟ إذاً لو كان حقًا ولو كان دليلاً على محبة الرسول صلى الله عليه وسلم لفعله الذين يحبونه باتفاقنا جميعاً ، فنحن نقول شيء لم يفعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولا صحابته، ولا الخلفاء الراشدون، هذا أمر مُحدَث، الرسول عليه الصلاة والسلام يقول أنه من يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيراً عندما نرى الاختلاف الكثير ما هو المرجع؟ ما هو الحل؟ ما هو الميزان الذي نزن به أقوال المختلفين؟ قال صلى الله عليه وسلم( فعليكم بسُنتي وسُنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضّوا عليها بالنواجذ) هذا الفعل الإيجابي أو الشيء الإيجابي الذي الرسول أرشد إليه، ثم قال و إياكم ومُحدثات الأمور فإن كل مُحدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، إذاً هل هو سنة أو هو مُحدَث؟ قطعًا هو مُحدَث والرسول صلى الله عليه وسلم يقول (كل مُحدّثه بدعة، وكل بدعة ضلالة) إذاً عمل المولد بالشكل الذي نراه والهيئة التي نراها عند المحتفلين في هذه الأعصر من الصوفيين و من يعني على شاكلتهم، أو من هو قريب منهم مما في ذلك المولد أو تلك الموالد من المخالفات الشرعية، من البدع المضاعفة، نقول بأنه لا يجوز عمل المولد بهذه الصورة وهو بدعة، وليس بسُنة، لا نُكّفر من يعمل المولد كما قد يقوله البعض، ولا نقول بأنهم خارجون عن الدين، وخارجون عن الإسلام وحتى الخارجين عن السُنة بمجرد عملهم للمولد، لكن نقول عملهم هذا غير صحيح.
2021-11-15 07:31:46