الاختلاف في الفتاوى
السؤال :
الآن بعض العامة يسمع فتاوى العلماء أو ربما يسأل أكثر من عالِم؛ فيجد أن العلماء يختلفون وربما أيضاً يأتي العالِم أو الطالب العامي فيسأل العالم الفلان، ثم يجد رجلاً آخر يعمل بخلاف ما استفتاهُ، فيذهب لينكر عليه، فهل واجب العامي أن يسأل ليعمل أم واجبه أن يسأل، ثم بعد ذلك ينكر على الناس ويحرج على الناس؟|تقصد يا شيخ أنه مثلاً بعض الفتاوى يحصل تدخل فيها ، أو بعض المسائل تدخل فيها الحيل فيتدرع بعض الناس بها أو مثلاً قد تكون المسألة خلافية فتُحرّج على الناس ؟
الإجابة
فهذه مسألة مهمة والواقع أن فيها أكثر من وقفة، الوقفة الأولى العامي كما أشرنا سابقاً يجب أن يتحرى من البداية، فلا يضع فتواه إلا في موضعها، و إذا وضع فتواه في موضعها سأل من اجتهد فوجده خير من يسأل ، فإن فتوى هذا المفتي الذي اجتهد فيما بينه وبين الله في أنه هذا خير من يدله على الصواب هذه الفتوى بالنسبة له كافية، وله أن يعمل بها فإن أخطأ المفتي، فالخطأ على المفتي وليس عليه، و الإثم على المفتي وليس عليه، وإن أصاب فالأجر للجميع هذا واحد يعني يجب أن تكون في البال دائما ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم أنه من سأل ثبت أو كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، فأفتى، فأخطأ المفتي أو معنى الحديث فإثمه على من أفتى إن أصاب فالأجر للجميع، وإن أخطأ فالإثم على المفتي، و أما بالنسبة للمستفتي فهو قد أدى الذي عليه وهو معذور عند الله هذا واحد.
الأمر الثاني هذه الفتوى التي يفتِ عليه أن يعمل بها، وليس له أن ينشرها في الناس ليس له أن ينشرها لما؟ ؛ لأنه أنت عندما سألت العالِم أنت وضعت له صورة معينة ووضعت له واقعًا محدد في مُلابسات، هذه المُلابسات اقتضت أن تكون الفتوى بهذه الصورة ربما غيرك يشبهك إلى حدٍ ما في الحال، ولكن عنده نقطة أو نقطتان تختلف عن الذي عندك هذه النقطتان تحول الفتوى وتجعلها بصورة أخرى تكون هنا حلال، وهناك حرام أو هنا مباحة، وهناك مكروهة ، أو هنا واجب، وهناك غير واجب، لابد المستفتي أن يعمل بما أُفتى به، وليس له أن يصدر هذه الفتوى على الآخرين إلا في حال الضرورة القصوى، وبعد التأكد أن الحال هو الحال، والوضع هو الوضع، والمُلابسات هي المُلابسات هذه نقطة ثانية.
النقطة الثالثة هناك مسائل لا ينبغي أن تقال على الهواء ، يُعنى أن هذه الفتاوى تصلح لشخص لا تصلح للأخر تصلح للوضع، لا تصلح لوضع الآخر ، من ذلك مثلاً مسائل الطلاق ، فمسألة الطلاق كما تعلمون الطلاق من أخطر الأمور وهو إما أن يفرق بين زوجين حلال بعضهما لبعض، و إما أن يرجع امرأة إلى هذا الرجل، وهي قد بانت وحرمت عليه أليس كذلك؟ وبالتالي يترتب على ذلك أمور ، فكون الإنسان يأخذ الفتوى من القناة أو من الإذاعة، أو من الجريدة ، لأنه قد أفتى بها فلان هذا لا يجوز ، ولا يجوز أيضاً إذا كان في العام أنه كذا يقع أو كذا لا يقع، إما أن يقول أنت طلاقك واقع، أو غير واقع فهذه يعني فيها صعوبة جداً.
هذا جانب والجانب الآخر أيضاً عندما يقول أحدهم أنا قلت لزوجتي إن فعلت كذا وكذا فأنت طالق ففعلت ، طبعاً المسألة خلافية بعض الناس يرى أنه يقع، وبعضهم والذين يرون أنه لا يقع أيضاً لهم شروط أنت يعني فكونك تقوله مباشرة، ولهذا شهدت أكثر من واحد من العلماء يستفتون في المسجد في الدرس عن أمر الطلاق فيقول تعال إذا كان هو من اللجنة الدائمة على سبيل المثال هنا في المملكة يقول تعال إلى المكتب في الليلة حتى يعرف الواقع حتى يناقشه، و يقول تعال أنت والزوجة أو أبوها، أو أخوها بعض القضاة أيضاً قاضي وعالِم وله دروس، وله فتاوى فيأتيه المستفتي في مكان الفتوى، أو في الدرس فيسأله عن قضية من قضايا الطلاق، فيقول له تعال إلى المحكمة لا أفتيك هنا ، هذا جانب ، الجانب الثاني، وهذه قد تكون من جانب آخر أخطر حين شخص يقول اشتركت أنا وفلان وفعلت كذا وهو فعل كذا، و الآن يدّعي أن له كذا، و أنا ليس لي شيء ، فمسألة الحقوق هي مسائل محاكمة أكثر منها مسائل قضاء، وليس مسائل فتوى مسائل يعني أخذ ورد ونقاش و سماع من الطرفين، فهذه أيضاً من الضوابط التي ينبغي أن ننتبه لها، و أن لا تُقال حتى إذا جاء للبيت قال يا شيخ أنا فعلت وفعلت، وفعل جاري أو صاحبي أو شريكي كذا وكذا تقول له والله إذاً أنت مُصيب ، هو مخطئ ، لو أنك سمعت من الآخر غيرت رأيك، يعني كثير من الأحيان إذا سمعت من الطرفين يختلف كثيراً عما إذا سمعته من طرف واحد ، فمن هنا يجب أن بعضًا من القضايا المتعلقة بالفتوى لا تقال على الهواء ، و أن يُرشد السائل إلى أن يذهب إلى أقرب عالِم ، وهناك قضية تتعلق بهذا الموضوع وهي أن هناك مذاهب معروفة، وهناك حتى الآن جهات فكرية وعلمية بعضها حتى لا تخضع لمذاهب، ولا لغير المذاهب ، يعني أصبحت عقلانية تفتي بمقتضى العقل والرأي، وبدون اعتماد على الدليل ، فليس كل من ظهر نستفتيه، ينبغي أن نسأل ونتثبت ممن نعرفهم من العلماء يا أخي وعن من أخذ، و هذا هو شأن السلف كما أشرنا سابقًا إن هذا العلم دين، فانظروا عمن تأخذون دينكم ، ، فلا ينبغي أبداً أن الإنسان ينساق وراء كل من ظهر أمامه.
2021-11-15 07:31:41