فتاوى

لا شك أن الاعتكاف سُنة عظيمة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم لها أهدافها ،لها مقوماتها، لها مكانتها العظيمة في الإسلام ولها ثمراتها التي أشرت في مقدمتك إلى كثير منها الله عز وجل يقول وهو يسرد عدداً من أحكام الصيام وربط الاعتكاف بهذا الصيام قال:} وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ { ]سورة البقرة: من الآية 187[ نفهم أن الاعتكاف أمر شرعي ورد به كتاب الله، ونفهم أنه لا يكون إلا في المساجد ونفهم أنه مرتبط بالصيام إلى حدٍ كبير وهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي هذا الاعتكاف الأهمية الكبيرة وقد كان صلى الله عليه وسلم يعتكف في بداية أمره، أول ما فُرض الصيام اعتكف العشر الأولى من رمضان ثم أتاه جبريل فقال: إن الذي تطلب أمامك؛ لأنه كان يريد أن تأتي ليلة القدر وهو في معتكفه ،وهو متفرغ لعبادة ربه وتعالى، وهو في وسط هذه الأعمال والعبادات العظيمة؛ ليضاعفها الله عز وجل فتكون أفضل وخير من أعمال الشهر ؛لذلك حرص على أن يعتكف في تلك العشر رجاء أن ينال هذا الأجر والثواب ويدرك ليلة القدر فلم تأتي فأتاه جبريل فقال: إن الذي تطلبه أمامك أي لا يزال لم يحضر، فاعتكف العشر الوسطى بنفس النية وبنفس القصد ولذات الأهداف أيضاً أتاه جبريل فقال: إن الذي تطلب أمامك، فاعتكف العشر الأخيرة ،ثم أنه صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام أيضاً أشار إلى أصحابه أن يعتكفوا مع هذه العشر ،ثم صار بعد ذلك يعتكف العشر الأخيرة من رمضان كل سنة إلى أن مات وكان يعتكف معه أصحابه وتعتكف معه أزواجه وكانوا يملؤون المسجد عبادة وتلاوة وقياماً وسائر أنواع العبادات؛ لينالوا عدة أهداف وعدة أمور ،منها أن يتخففوا عن الأعمال التي غالباً تكون بينه وبين الناس، فرسول الله صلى الله عليه وسلم عليه الصلاة والسلام حياته كلها عبادة ،فهي ما بين دعوة وبيان للناس، وفصل بينهم في قضاياهم ،وتبيين لهم في أحكامهم واستقبال لهم، ومؤانستهم وجهاد في سبيل الله حياته كلها في ليله، ونهاره في رمضان وفي غير رمضان كلها عبادة لكن، في هذه الأيام كلها كثير من هذه العبادة تكون أو يكون منشغلاً فيها بمخاطبة البشر بمخاطبة الناس بمخاطبة أزواجه، بمخاطبة أصحابه، بمخاطبة الوفود بالخروج للجهاد في سبيل الله، بغير ذلك ففيها انشغال بالبشر بالخلق وإن كان من أجل الخالق وهي عبادة، لكنه صلى الله عليه وسلم يريد أن تكون له خلوة تكون العبادة فيها بينه وبين الله سبحانه وتعالى ،لا يشغله عنه شاغل ولا يهتم بهم آخر من هموم الحياة، ولا من هموم الدعوة، ولا من هموم الرسالة يكون الاتصال مباشر بينه وبين الله خلوة بينه و بين الله ،وكم يجد المحب حينما يخلو بحبيبه، فإذا تصورنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خليل الرحمن أعظم ما يتصور من المحبة يحبه الله أقصى درجة من المحبة، وهو يحب الله أقصى درجة من المحبة فإذا كان بهذه الدرجة من المحبة ويكون هناك خلوة، لا يشغل المحب عن حبيبه شيء آخر ،ماذا يكون الأمر كان صلى الله عليه وسلم يحرص على هذا الأمر هذا من جانب أيضاً العبادات يريد أن يُكثر منها، قد لا تتيسر له وهو مختلط بالناس إذا فرغ اختلى واعتكف تمكن منها ،كذلك أيضاً التفكير الذي يحتاجه الإنسان حينما يختلط بالناس حينما يكونوا مع الناس ينشغل يفكر في أمور، في حاجة هو بحاجة إلى التفكير فيها.
ـــــــــــــــــ
نعم هكذا أيضاً نتعلم نحن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك، نتعلم أننا بحاجة إلى أن نخلو بربنا خلونا بلذائذنا، خلونا بشهواتنا، خلونا بمحبينا من البشر كثيراً متى نجرب أن نخلو بالله سبحانه وتعالى أجل وأعظم من نحب ومن يُحبنا فهذه واحدة من الأهداف التي ينبغي أن يضعها الإنسان وهو يتجه إلى المسجد للاعتكاف في باله.
ــــــــــــــــــــــ
فإذا خلا بالله عز وجل يتذكر ما الذي أمر به فلم يفعله ما الذي شرع له وسن له فقصر فيه ما الذي حرم عليه فوقع فيه أو زجر عنه أو كره له، فيحاسب نفسه ويعمل على إصلاح وضعه ،وإصلاح علاقته بالله سبحانه وتعالى، أمور وفوائد عظيمة يدركها المسلم متى أتى بهذا الاعتكاف على وجهه الصحيح.