الأمن نعمة عظيمة
السؤال :
طيب فضيلة الشيخ لو نوهنا عن الأمن نعمة عظيمة من نعم الله جل جلاله الناس كلها تنشد الأمن، لكن ربما لا تتلمس أسبابه ولا تتأمل حين تكون الناس في نعمة الأمن لا تتأمل في هذه النعمة، وما يترتب عليها من آثار حميدة ولا تحس إلا حين فقدها؟|ـــــــــــ| فضيلة الشيخ الآن الناس تشاهد وبعض البلدان التي اختل الأمن فيها، وكيف أثّر الأمن على مسألة الاتصال، وتسبب في مجاعة عظيمة ربما الناس لم تصل إليهم والعياذ بالله المجاعة ربما تجدهم متساهلين في الأمن لو نركز على قضية ربط الجانب الأمني بالجانب الاقتصادي؟.
الإجابة
نعم لا شك أن الأمن من أعظم النعم ومما لا تستقيم حياة الناس إلا بتوفره، ولهذا امتن الله عز وجل على قريش أعظم ما امتن به رحلة الشتاء والصيف { لِإِيلٰفِ قُرَيْشٍ (1) إِۦلٰفِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَآءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هٰذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِىٓ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَءَامَنَهُم مِّنْ خَوْفٍۭ (4) }
[ سورة قريش : 1 إلى 4 ] و امتن عليهم بأنهم جعل لهم حرمًا أمناً، فالأمن من أعظم النعم.
الذي يوفر الأمن هو أولاً الإيمان بالله عز وجل أن يكون الناس مؤمنين بالله تبارك وتعالى { الَّذِينَ ءَامَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوٓا إِيمٰنَهُم بِظُلْمٍ أُولٰٓئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ } [ سورة الأنعام : 82 ] أن يفشوا في الناس العلم ويعني ترفع عنهم الجهالة إنما يخشى الله من عباده العلماء، أن يسود العدل سواء من قبل الحاكم بأن يكون بين رعاياه كلهم، وبين نفسه، وبين رعاياه لا يبذله لصالح نفسه، ولا يظلم أحدًا لأحد، ولا يسمح للظلم أن يسود ويفشو في المجتمع، فإذا توفر الإيمان والعلم والعدل، وقام الناس بواجباتهم، أعطى كل ما عليه من واجب واكتفى بما له من الحق، بذلك توفر الأمن، الخوف يأتي من البغي، من العدوان، من الظلم، من النعرات التي أشرنا إليها سابقًا من أطماع الشح و البخل، الطمع في حق الآخرين هذا هو الذي يعني يوفر أو يترتب عليه الخوف ويتقلص أمامه الأمن.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كما أشرنا في أول الحديث أن الأمن واستقرار المعيشة متلازمان في أكثر الآيات يربط الله عز وجل بين الأمن، و المعيشة الحسنة، أو بين الخوف والفقر والمجاعات، ولذلك لا يستقيم أبداً شأن الناس، وحتى الغني الذي عنده كل ما يحتاجه من الطعام، والغذاء، واللباس، وما يحتاجه لو عاش خائفاً والله ما تهنأ بما لديه، وكذلك الإنسان في أمن، لكنه جائع لا يجد ما يأكل، لا يجد من يسد جوعه، لا يجد من يستر عورته، لا يجد ما يعالج به مريضه أيضاً يعني؛ ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم يقول (من أصبح أمناً في سربه، معافاً في بدن، عنده قوت يومه، فكأنما ما حيجت له الدنيا بحذافيرها) فعلينا أولاً على الحكام وولاة أمور المسلمين أن يتقوا الله في أنفسهم، و أن يعلموا أنهم هم المسؤولون أولاً و أخيراً عن تأمين الناس في أنفسهم، تأمينهم من حيث لا يكون عليهم خوف، وتأمين احتياجاتهم الأساسية بالوسائل المقدور عليها كلٌ بما يستطيع أنه يبذل كل ما في وسعه، لأن يوفر لهم هذه الأمور وعليهم هم أن يجمعوا، ويطيعوا، ويوقروا الحاكم، لأن من أسباب اختلال الأمن؛ ذهاب هيبة الدولة إذا ذهبت هيبة الدولة انتشر في النشر كل يبغي على الآخر، ويعتدي على الآخر، و يختل النظام كما على الحاكم واجب، فكذلك أيضاً علينا واجب نحن ألا نُعين على إسقاط هذا الحاكم، وعلى إذهاب الهيبة التي يجب أن يتمتع بها، لأنه إذا ذهبت الهيبة كل واحد يعني يفعل كما يشتهي، وكما يولي عليه هواه.
2021-11-15 07:31:42