التداوي بالمسكر
السؤال :
س:هل يجوز التداوي بالقليل من المسكر للضرورة إذا قال الطبيب أنه العلاج الوحيد للمرض؟|
الإجابة
ج:أما رأيي الشخصي فهو القول بالتحريم وبعدم جواز المعالجة بأي نوع من أنواع الخمر للأدلة السابقة ولا سيما وأن النبي المعصوم بأبي هو وأمي قد صرح لمن سأله عن الخمر بأنه ليس بدواء ولكنه داء فكيف يجوز لنا أن نصدق أيِّ طبيب يقول لنا أن الخمر قد يكون دواء بعدما قال لنا الصادق المصدوق صلى الله عليه وآله وسلم أنه "ليس بدواء ولكنه داء" فهل نصدق الطبيب أن هناك أمراض لا علاج لها غير المسكر ونكذب النبي الذي لا ينطق عن الهوى الذي قال انه ليس بدواء ولكنه داء وإذا كان الشاعر قد قال :
إذا قالت حذام فصدقوها فإن القول ما قالت حذام
فنحن نقول :
إذا قال الرسول فصدقوهفإن القول ما قال الرسول
كيف لا وهو رسول رب العالمين , وخاتم الأنبياء والمرسلين , وهو الصادق المصدوق , والنبي المعصوم , فصلوات الله عليه وعلى آله وسلم تسليماً كثيراً.
فهذا الحق ليس به مراء فدعي من بذيات الطريق
وخصوصاً أن الأبحاث الطبية الأخيرة قد أثبتت أن الأشربة التي تسكر ليس فيها أيُّ دواء لأيِّ مرض من الأمراض على الإطلاق كما نص على معنى ذلك الدكتور محمد علي البار في كتابه (الخمر بين الطب والفقه) وقرر المؤتمر الدولي الحادي والعشرين لمكافحة المسكرات المنعقد في (هلسنكي)1939م أن الطبيب الذي يصف لمريضه شيئاً من الخمر يعتبر في عرف هذا المؤتمر طبيباً متأخراً في فنه بضعة عشر عاما كما في كتاب (نظرية الضرورة الشرعية للعلامة جميل محمد مبارك نقلاً عن كتاب الخمر بين الإسلام والقوانين الوضعية) وعلى هذا الأساس يكون التداوي بالمسكر محرما من باب سد الذرائع وقد صرح كثير من الفقهاء في باب الأطعمة والأشربة من كتب الفقه بتحريم التداوي بالمسكر وذلك كالعلامة المهدي في الأزهار وهو على المذهب الهادوي كما سبقه غيره من علماء المذهب الهادوي والمالكي والحنبلي كما في تفسير العلامة القرطبي المالكي الذي نسب هذا القول إلى المذهب المالكي وكما في كتاب "زاد المعاد" للعلامة ابن القيم الحنبلي الذي نسبه إلى المذهب الحنبلي كما في زاد المعاد وممن صرح بذلك من علماء اليمن المجتهدين شيخ الإسلام الشوكاني كما في السيل الجرار وقد خالف في المسألة بعض العلماء ورجحوا جواز التداوي بالمسكر للضرورة مستدلين بالأدلة الدالة على أن الضرورات تبيح المحظورات كقوله تعالى (فمن اضطر غير باع ولا عاد فلا إثم عليه) ( ) وغيرها من الآيات الدالة على إباحة المحرمات عند الضرورات وأجابوا عن الأدلة التي احتج بها الأولون بحملها على غير الضرورة قالوا أما إذا اضطر المسلم إلى المعالجة بالمسكر فلا مانع من المعالجة للضرورة للأدلة الدالة على أن الضرورات تبيح المحرمات كالآية السابقة وغيرها وفي لفظ آخر عند أحمد وابن ماجه (إن ذلك ليس بشفاء) ( ) أي ليس بشاف وهذا الحديث مؤكد لما قد سبق في حديث أبي هريرة المرفوع (من أن الخمر خبيث) ( ) فكيف يكون الشئ الواحد خبيثاً ويكون دواء شافياً فهذه الأدلة تدل على عدم جواز التداوي بأي مسكر وعلى أي صفة وفي كل حالة من الحالات وخصوصاً أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم ينه عن ذلك إلا بعد أن أوضح له السائل بأنه للدواء لا لشيء آخر ولا سيما وأن الرسول قد صرح بأنه ليس بدواء ولكنه داء فكيف يجوز لنا بعد قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه ليس بدواء ولكنه داء أن نقول بجواز التداوي به إذا كان الطبيب قد قرر لأي مريض علاجاً من الأشربة المسكرة التي يسمونها (كحوليه) على أن هناك أدلة أخرى تدل على عدم جواز التداوي بالمسكر غير ما تقدم من النصوص ألا وهي سد الذريعة ولأن في القول بإباحة التداوي بالمسكر ذريعة إلى تناولها وإلى ممارسة شربها ولو من غير ضرورة لأننا نخشى على من يتعالج بالمسكرات في حال مرضه أن يعتاد ممارسة شربها فلا يمضي عليه أياماً حتى يصبح من عشاقها ومن المعتادين لشربها ثم لا يمضي عليه شهر أو شهور حتى يكون في عداد شاربي المسكرات .
والخلاصة : أن التداوي بالخمر حرام . حرام . حرام . وقد تكلمت بنحو هذا في كتاب الأطعمة والأشربة .
2021-08-17 08:53:34