التلفظ بالنية في الصلاة
السؤال :
نسمع بعض المصلين إذا قام للصلاة في جماعة أو منفردًا ، إمامًا كان أو مأمومًا , يقول: نويت أصلي صلاة الظهر – مثلاً – حاضرًا ، جماعة , أو فردًا , أو مأمومًا ، مستقبل القبلة ، أربع ركعات… الخ , فهل هذا الفعل صحيح أم لا ؟
الإجابة
هذا الفعل غير صحيح ، وفاعل ذلك ليس معه دليل من كتاب أو سنة أو إجماع أو قياس جليّ ، وذلك أن النية محلها القلب ، وعندما حثّنا رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – على استحضار النية لكل عمل
بقوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم –:
” إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى… ” الحديث ؛ فليس معنى ذلك أن ننوي بلساننا سرًّا أو علانية ، ولم يُنْقَل عن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أنه تلفظ بالنية للصلاة ، ولا للصوم ، فلم يقل: نويت أصوم شهر رمضان هذا العام ، تمامًا من غير نقصان ، وَيَعُدُّ الأيام يومًا يومًا في كل ليلة عند سحوره ، وكذلك في الزكاة , وغير ذلك من سائر العبادات .
وما ورد عنه عليه الصلاة والسلام من الجهر بالإهلال ورفع الصوت بالتلبية في الحج , فليس ذلك من باب الجهر بالنية ، لأن النية للحج وُجِدَت قَبل ذلك بعزمه على الحج، وإعداد النفقَة، واختيار الرفقة، وشروعه في السفر من بلده، وغير ذلك، أما هذا الإهلال فإنه لعقد الحج ، وليعلن أنه قد تلبس بالإحرام ، وحرّم على نفسه بعض ما كان مباحًا له: من لبس المخيط , والطيب , والنساء , ونحو ذلك ، ونظير ذلك في الصلاة تكبيرة الإحرام التي بها يمنع المصلي نفسه من الكلام , والالتفات عن القبلة , ونحو ذلك ، فأين هذا التلفظ بالنية الذي لم يُعرف عن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ولا الخلفاء الراشدين ، ولا عن أحد من الصحابة , أو الأئمة المتبوعين ، وقد أنكر الإمام ابن القيم – رحمه الله – التلفظ بالنية أيما إنكار ، فانظر ” زاد المعاد في هدي خير العباد ” (1/20) فقد بين أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لم يقل قبل تكبيرة الإحرام شيئًا .
ومن العجب أن هذا المصلي الذي يرى نفسه لم ينوِ شيئًا ، مع أنه عندما سمع المؤذن يؤذن ؛ قام إلى الصلاة , وتوضأ ، ودخل المسجد ، أفكل هذا وقع منه بدون نيَّة ؟! وهل يُتَصَوَّر ذلك إلا من رجل مكره أو مجنون ؟ أما العاقل المختار القاصد للعمل ؛ فلا يتصور في حقه أنه قام بكل هذه الأعمال بدون نيّة !!! ثم لماذا يُضيق المسلمون على أنفسهم وقد وسّع الله عليهم ؟! فمن فعل ذلك متقرّبًا به إلى الله U وداوم على ذلك ؛ فقد فعل بدعة في الدين , يجب عليه أن يتوب إلى الله منها ، وأن يسارع بالتمسك بخير الهدي ، فإن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يقول: ” من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه ؛ فهو ردّ ” متفق عليه من حديث عائشة ، وفي رواية لمسلم: ” من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردّ ” والله أعلم .
2021-09-12 13:03:19