0

فتاوى

الرئيسية / فتاوى العبادات/ فتاوى الصلاة/ التنفل على الراحلة للمسافر واستقبال القبلة
التنفل على الراحلة للمسافر واستقبال القبلة
السؤال :
سمعنا أن المسافر يجوز له أن يتنفل على راحلته , أو سيارته بدون استقبال للقبلة , فهل هذا صحيح أم لا ؟
الإجابة
قد وفق الله أخانا أبا داود يحيى الدمياطي – حفظه الله – لإجراء دراسة لهذه المسألة , وذلك ضمن أبحاث علمية يقوم بها إخواننا طلبة العلم في دار الحديث بمأرب في المسائل الخلافية , ومحصل ما ورد في هذا البحث – مع زيادة مني في عرض الأدلة ودراستها – أن للعلماء مذهب كثيرة في هذه المسألة , ومنها:
1- أنه يجب عليه استقبال القبلة في جميع الصلاة ، عند تكبيرة الإحرام وسائر الصلاة , ومنهم من يقول بشرطية ذلك .
2- أنه يجب عليه استقبال القبلة عند تكبيرة الإحرام فقط , ويتوجه في سائر صلاته حيث وَجَّهَهُ ركابه , ومنهم من يقول بشرطية ذلك .
3- أنه يستحب له استقبال القبلة عند تكبيرة الإحرام فقط , ثم يتوجه حيث وَجَّهَهُ ركابه .
4- أنه يشرع له أحيانًا استقبال القبلة عند تكبيرة الإحرام ، وفي سائر صلاته يتوجه حيث وَجَّهَهُ ركابه .
5- أنه لا يستقبل القبلة مطلقًا, لا في تكبيرة الإحرام ولا في سائر صلاته.
6- ومنهم من فَصَّل: فإن سهل له الاستقبال عند الإحرام وجب ؛ وإلا فلا .
ولكل قول من هذه الأقوال قائلون به , وأدلة يستدلون بها على قولهم:

فالذين يرون الشرطية في جميع الصلاة ؛ يستدلون بعموم الآية: ]فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ[ [البقرة: 144].
– وبحديث أبي هريرة – رضي الله عنه – المتفق عليه في قصة المسيء في صلاته: ” .. إذا قمت إلى الصلاة ؛ فاستقبل القبلة .. “ الحديث .
– وبالإجماع على شرطية الاستقبال , انظر ” مراتب الإجماع ” لابن حزم برقم: (31) وغيره .
– وبحديث أنس مرفوعًا مرفوعًا: ” من صلى صلاتنا , واستقبل قبلتنا , وأكل ذبيحتنا ؛ فذلكم المسلم ، الذي له ذمة الله وذمة رسوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فلا تخفروا الله في ذمته ” رواه البخاري برقم: (391) ك: الصلاة , قالوا: فهذه أدلة عامه تشمل جميع أجزاء الصلاة .
والذي يرون الوجوب يستدلون بما رواه أبو داود , وأحمد , والدارقطني , وغيرهم من طريق ربعي بن عبدالله بن الجارود: حدثني عمرو بن أبي الحجاج: حدثني الجاورد بن أبي سبرة: حدثني أنس بن مالك: أن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – كان إذا أراد أن يتطوع في السفر ؛ استقبل بناقته القبلة , ثم صلى حيث وَجَّهَهُ ركابه . وسند هذا الحديث حسن , وقد حسنه قوم وصححه آخرون , وقال فيه ابن القيم: ” فيه نظر ” . كما في “الزاد” (1/476) . ولم يأت بدليل مُقْنِعٍ على ما قال – رحمه الله – .
قالوا: فَكَوْنُ النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يتكلف إيقاف الراحلة – وهي في سيرها – وتحويل جهتها التي تسير عليها , حتى يستقبل بها القبلة , وقد يحدث له – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – ولمن معه بسبب ذلك مشقة ؛ فهذا يدل على الوجوب , ولو لم يكن هذا واجبًا ؛ لما تَكَلَّفَ هذه المشقة , وقد كان – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يحب أيسر الأمرين .
والذين يرون الجواز المطلق ؛ يستدلون بقوله تعالى: ] وَلِلَّهِ المَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [ .
– وبما رواه مسلم عن ابن عمر – رضي الله عنهما – أنه كان يصلي حيث توجَّهَتْ به راحلته , ويذكر أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – كان يفعل ذلك, ويتأول هذه الآية: ] فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [ .
– وبما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر – أيضًا –: أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – كان يصلي سبحته – أي نافلته – حيث توجهت به ناقته .
– وبما رواه البخاري ومسلم عن عامر بن ربيعة أنه رأى رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يصلي السبحة بالليل في السفر على ظَهْرِ راحلته حيث تَوَجَّهَتْ .
– وبما رواه مسلم أن أنس بن مالك صلى على حمار , ووجهه عن يسار القبلة , فسئُل في ذلك , وأنه يصلي لغير القبلة , فقال: لولا أني رأيت رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – يفعله لم أفعله .
-وبما رواه البخاري من حديث جابر: أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – كان يصلي التطوع وهو راكب في غير القبلة .
والذي يرون الاستحباب المطلق – أي استحباب استقبال القبلة في جميع أجزاء الصلاة – دليلهم: الجمع بين أدلة الفريق الذي يرى الشرطية أو الوجوب , وبين أحاديث من يرى الجواز المطلق , فلهم أن يقولوا: أحاديث ابن عمر وجابر وغيرهما تَصْرِف ظاهر آية: ]فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ[ في السفر إلى الاستحباب ، والله أعلم .
والذين يرون استحباب الاستقبال عند تكبيرة الإحرام فقط: لهم أن يقولوا: أحاديث ابن عمر وجابر وغيرهما تدل على الجواز في السفر لجميع أجزاء الصلاة , وحديث أنس في الاستقبال عند الإحـرام يـدل – مع الجمع بينه وبينها – على الاستحباب في هذا الموضع , وإلا لما كان لحديث أنس أثر في الجمع بين أدلة هذا الباب , وكون حديث أنس أقل رتبة من أحاديث ابن عمر , وجابر وغيرهما ؛ لا يلزم من ذلك رَدُّه , فكم وجدنا أهل العلم يجمعون بين أحاديث مشهورة الصحة والمخرج , وأحاديث حسنة الإسناد , وفي حديث أنس سنة زائدة فلا تُتْرَك , والأصل إعمال الدليلين , لا طرح الأدنى منهما ؛ إلا إذا لم يكن الجمع ممكنًا ؛ فنلجأ إلى الترجيح , والجمع هنا ميسور وممكن – ولله الحمد – وبهذا القول قال أحمد وأبو ثور .
والذين يرون استحباب الاستقبال عند الإحرام – أحيانًا – يستدلون أيضًا بحديث أنس , ولهم أن يقولوا: وَرَدَتْ روايات كثيرة عن جمع من الصحابة ليس فيها هذا التفصيل المذكور في حديث أنس , فلما وقفنا عليه في حديث أنس ؛ علمنا أن هذا نادر, فحملنا الاستحباب على الحينية, والله أعلم .
والذين يُفَصِّلُونَ بين ما إذا تيسر الاستقبال فيجب , وإلا فلا , فلهم أن يقولوا: الأصل الاستقبال للأدلة المشهورة في القرآن وقصة المسيء في صلاته , وغير ذلك , فإن أمكننا ذلك فلا سبيل إلى تركه , وإن عجزنا عن ذلك انتقلنا إلى الرخصة , والله أعلم .
والذي يترجح عندي في هذه الأقوال: قول الإمام أحمد باستحباب الاستقبال عند تكبيرة الإحرام , ثم يتوجه الراكب حيث توجَّه به ركابه .
ومن قال بالشرطية والوجوب المطلقين ؛ فيرد عليه أحاديث ترك الاستقبال للقبلة , والذين يرون الجواز المطلق ؛ يرد عليهم حديث أنس , والذين يرون الاستحباب المطلق ؛ فحديث أنس أيضًا يرد عليهم: حيث أنه أكد الاستحباب في الاستقبال عند الإحرام , دون سائر الصلاة , والذين يرون الاستحباب أحيانًا عند الإحرام ؛ لقولهم شيء من الوجاهة أكثر مما سبق من أقوال , لكن الأوجه منه إطلاق الاستحباب عند الإحرام ؛ وكونه – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فَعَلَ الشيء نادرًا ؛ فهو دليل للاقتداء به – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – دائمًا , إلا أن يرد تصريح بتقييد الاقتداء به – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – بالحينية, لعموم قوله تعالى: ] لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [ وغير ذلك من الأدلة , ومن رأى التفصيل ؛ فأوجب الاستقبال عند التمكن دون غيره ؛ يرد عليه أن هذه رخصة عامة , فتعم ما كان فيه مشقة أم لا , كالقصر والفطر في السفر , وقد لا يكون هناك مشقة , ومعلوم في الأصول أن العبرة بالمظنة , لا بالمئنة , فما كان مظنة المشقة – وإن لم يتحقق وجودها في بعض الأحوال – فهو جالب للتيسر , والعلم عند الله – تعالى – .
(تنبيه): الراكب على السيارة يُلْحق بالراكب على الراحلة , حيث لا فرق بينهما من جهة التيسير ورفع الحرج في هذا الموضع , وأن هذا الحكم خاص بالنافلة , أما في الفريضة فينـزل الراكب ، والله أعلم .
(تنبيه آخر): الإيماء في الركوع والسجود يجزئ , وهو ظاهر بعض الروايات , انظر ما قاله شيخنا الألباني – حفظه الله – في ” تحقيقه للمشكاة ” (1/424/1346) والله أعلم .
2021-09-12 13:03:18
فتاوى : فتاوى صلاة النفل   -  
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
54573

إذا أدرك الإمام ساجداً فليسجد معه

فتاوى الصلاة / فتاوى صلاة النفل

القاضي محمد بن إسماعيل العمراني
54484

قضاء سنة الظهر القبلية

فتاوى الصلاة / فتاوى صلاة النفل

القاضي محمد بن إسماعيل العمراني
54567

حكم إمامة غير مختون

فتاوى الصلاة / فتاوى صلاة النفل

القاضي محمد بن إسماعيل العمراني
فتاوى لنفس المفتى / اللجنة
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
61664

من فاتته صلاة العيد

فتاوى الصلاة / فتاوى صلاة العيدين

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
61691

إذا أخر الموكل إخراج زكاة الفطر عن وقتها

فتاوى الزكاة / فتاوى زكاة الفطر

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
61651

المصافحة بعد خطبة العيد

فتاوى الصلاة / فتاوى صلاة العيدين

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
63214

هل تنطبق علي أحكام الأضحية

فتاوى العبادات / فتاوى الحج والعمرة

أحمد بن حسن سودان المعلم
64243

التوسعة على الناس والعيال

فتاوى مجتمع وأسرة / فتاوى فقه الأسرة

أحمد بن حسن سودان المعلم
62319

إخراج الزكاة للأقارب

فتاوى العبادات / فتاوى الزكاة

د. عقيل بن محمد زيد المقطري
فتاوى من نفس الموضوع