الركعتين المغرب أو بعد الأذان مباشرة
السؤال :
س:أفتونا في حكم الركعتين اللتين تؤديان قبل أداء صلاة المغرب أو بعد أذان المغرب مباشرة وهل الصلاة المذكورة مشروعة قبل هذا الوقت أو أنها غير مشروعة ؟|
الإجابة
ج:اعلم أن مسألة صلاة ركعتين خفيفتين بعد أذان المغرب وقبل أداء صلاة المغرب من المسائل الشرعية الفرعية التي اختلفت فيها أنظار العلماء فمن العلماء من ذهب إلى مشروعية الصلاة ركعتين خفيفتين بعد أذان المغرب وقبل أداء صلاة المغرب ومن العلماء من ذهب إلى عدم مشروعية هاتين الركعتين بل ذهب إلى أنها مكروهة ومن الفريق الثاني علماء المذهب الهادوية الزيدية رحمهم الله جميعاً وقد أصبح الفريق الأول وهم القائلون بمشروعية الصلاة ركعتين خفيفتين بعد أذان المغرب وقبل أداء صلاة المغرب على جهة السنة أو الندب أو الاستحباب احتجوا بجملة أدلة من السنة النبوية الدليل الأول عام وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم "بين كل أذانين صلاة"( ) أي بين كل أذان وإقامة صلاة فالمراد بالأذانين الأذان والإقامة من باب التغليب وذكر الأبوين للأب والأم والقمرين للشمس والقمر فهذا الحديث يعم ما بين أذان المغرب وإقامة صلاة المغرب لأن لفظة كل من ألفاظ العموم فتعم كل أذان وإقامة وهذا الحديث صحيح عند جميع العلماء والدليل الثاني خاص وهو قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لبعض أصحابه (صلوا قبل المغرب ركعتين وكررها ثلاثاً ثم قال لمن شاء) ( ) وإنما قال لمن شاء لأن لا يتوهم المخاطبون بأن الأمر للوجوب فقال لهم لمن شاء ليعرفوا أن الأمر هاهنا ليس للوجوب وإنما للندب والصحابة رضوان الله عليهم كانوا يصلون هاتين الركعتين وأن رسول الله قد أقرهم على صلاتها واحتج أهل القول الثاني بدليلين .
الأول : أن الأدلة قد دلت على وجوب المبادرة لأداء صلاة المغرب والمسارعة إليها وصلاة هاتين الركعتين ستؤخر صلاة المغرب عن أول وقتها الذي حث عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
الثاني : ما جاء في بعض الكتب منسوباً إلى "البزار" من استثناء صلاة المغرب من جملة الصلوات التي أدخلت في حديث (بين كل أذانين صلاة حيث روى عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال (بين كل أذانين صلاة إلا المغرب) ( ) وقد أجاب الفريق الأول على الثاني بأن صلاة الركعتين قبل الصلاة المفروضة وبعد الأذان إذا كانتا خفيفتين لا تخرج الصلاة المفروضة عن أول وقتها ولا تتنافى مع الحث من رسول الله ﷺ على المبادرة بأدائها في أول الوقت ولا تتعارض مع الأدلة الدالة على وجوب المسارعة إلى أداء الفريضة في أول وقتها المحدد شرعاً لأن الأدلة الدالة على وجوب المسارعة إلى أداء صلاة المغرب في أوق وقتها المحدد شرعاً قد خصصت بالأدلة الدالة على مشروعية هاتين الركعتين فكأنه قال بادروا بأداء صلاة المغرب في أول وقتها ولا تعملوا أي شئ غير الركعتين المذكورتين في حديث (صلوا قبل المغرب ركعتين ) ( ) وغيره من الأحاديث الدالة على مشروعية هاتين الركعتين لأن القاعدة في باب العموم والخصوص هو أن يعمل بالخاص فيما تناوله والعام في الباقي . وهكذا أجابوا عن الزيادة المراد به في حديث (بين كل أذانين صلاة) أنها زيادة غير صحيحة عند حفاظ السنة النبوية . وعلى فرض أنها صحيحة أو حسنة فالأحاديث الدالة على مشروعية هاتين الركعتين أصح وأرجح من هذه الزيادة التي لم يصححها أحد من الحفاظ وعلى كل حال فلا مانع لكما من أن تصليا بين الأذانين عملاً بما جاء في هاتين الركعتين من الأحاديث المرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتقليداً إلى من ذهب إلى مشروعيتها من العلماء كما أنه لا مانع لكما من الانتظار حتى يفرغ إمام الصلاة ومن سيصليها من الجاهزين في المسجد حتى تقام الصلاة تقليداً لعلماء المذهب الهادوي الزيدي ومن وافقهم من العلماء الذين ذهبوا إلى كراهية الصلاة لهاتين الركعتين أما أنا فأنا أرجح مشروعية القول بهاتين الركعتين ولكني إذا كنت في مسجد لا يصلي إمام المسجد هاتين الركعتين قبل المغرب فإني لا أصليهما لأن المقيم سيقيم الصلاة وأنا في الركعة الأولى من هاتين الركعتين وبمجرد إقامة المقيم للصلاة تصبح صلاة الركعتين غير مشروعة لقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) ( ) وهكذا ينبغي لكل من كان مذهبه مشروعية هاتين الركعتين إذا كان في مسجد لا يصلي أمامه هاتين الركعتين قبل المغرب . لأنه إذا قام يصلي الركعتين وصادف أن المقيم أقام الصلاة في حال صلاة المتنفل هاتين الركعتين فإن صلاته هذه قد صارت غير جائزة شرعاً لأن حديث (إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة) يدل على أنها قد صارت مكروهة أو محظورة شرعاً إذا كانت لفظة لا ناهية أو على أنها قد صارت كَلاً صلاة أي أن وجودها وعدمها سواء إذا كانت لفظة لا نافية .
والخلاصة : أن الركعتين قبل المغرب مندوبة عند بعض العلماء ومكروهة عند آخرين وأن مذهب علماء الهادوية الزيدية هو القول بالكراهة وأن القول الراجح هو القول بالندب وأن مشروعية هاتين الركعتين قد ثبت مرفوعاً من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعله وتقريره وأن علماء المذهب الهادوي قد احتجوا بالأدلة الدالة على وجوب المسارعة إلى أداء صلاة المغرب في أول وقتها وأنه قد جاء في بعض الأحاديث استثناء المغرب من بين كل أذانين وأن من ذهب إلى مشروعية الركعتين قد جعل أدلته مخصصة لأدلة الفريق الثاني العامة ورجحه على الدليل الخاص . وأن هاتين الركعتين لا تشرع عند من يقول بها إلا إذا لم تقم الفريضة أما إذا أقيمت الفريضة فلا صلاة غيرها . هذا والله ولي الهداية والتوفيق .
2021-08-11 08:16:51