الزواج بامرأة كتابية
السؤال :
س:هل يجوز للمسلم أن يتزوج بامرأة كتابية نظراً إلى أن تكاليف الزواج بالمسلمة أصبحت في هذه الأيام مرتفعة ارتفاعاً فاحشاً ويقال أن الزواج بالكتابية أقل تكلفة وغير مرهق لمن يرغب في ذلك أفتونا مأجورين؟|
الإجابة
ج:اعلم أنه اختلف العلماء في جواز زواج المسلم بالكتابية وهي اليهودية أو النصرانية على قولين :
القول الأول : هو جواز زوج المسلم بالكتابية .
القول الثاني : تحريم زواج المسلم بالكتابية وإلى القول الأول ذهب جمهور العلماء وهو مذهب أهل السنة . وإلى القول الثاني ذهب الأقل من العلماء وهم الزيدية ومن وافقهم في تحريم زواج المسلم بالكتابية وقد احتج الجمهور من المسلمين على القول بالجواز بأن الأصل في كل شئ هو الجواز والإباحة حتى يرد دليل صحيح صريح يدل على التحريم كما أنهم قد تبرعوا بدليل على الجواز (مع كون الأصل معهم والدليل هو على المانع) (أي الدليل على جواز نكاح الكتابية وهو قوله تعالى (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حلٌ لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا أتيتموهن أجورهن) ( ) إلى آخر الآية وقد أجاب العلماء القائلون بتحريم زواج المسلم بالكتابية على الدليل الذي احتج به الجمهور من العلماء على جواز هذا النكاح بأن أهل الكتاب قد أصبحوا مشركين لأن اليهود قالوا (عزيز ابن الله) والمسيحيين قالوا (المسيح ابن الله) وحيث قد قالوا هذين القولين فقد صاروا مشركين والمشركة لا يجوز زواج المسلم بها بالإجماع وهكذا أجابوا على من قال بالجواز بأن أهل الكتاب قد بدلوا وحرفوا ولكن الجمهور من العلماء قد ردوا على هذين الجوابين بأن القرآن قد جوز نكاح الكتابية في سورة النساء بالآية الكريمة التي ذكرناها في حين أن أهل الكتاب قد قالوا هذين القولين من قبل نزول هذه الآية التي جوزت الزواج بالكتابية أو عند نزول هذه الآية التي جوزت الزواج بالكتابية والدليل على هذا أن القرآن قد حكى عنهم هذين القولين حيث قال (وقالت اليهود عزيز ابن الله) ( ) (وقالت النصارى المسيح ابن الله) ( ) كما أنهم أيضا كانوا قد حرفوا وبدلوا من أيام النبي ﷺ بل ومن قبل أيام النبي حيث حكى عنهم ذلك في الكتاب العزيز ولبعض علماء السنة نظرية في هذه المسألة جعلته يحكم بتحريم زواج المسلم بالكتابية وإن كان الدليل في القرآن الكريم قد دل على الجواز وذلك من ناحية الظروف التي كان المسلم في أيام الرسول ﷺ يعيش فيها وهكذا في أيام خير القرون فإن المسلم في تلك الأيام كان في غاية من التمسك الديني والورع والتقوى وكان المثل الأعلى في حسن السيرة والسلوك وكان المسلم في غاية من القوة والاعتزاز بإسلامه فكان المسلم إذا تزوج بامرأة من أهل الكتاب فبمجرد المخالطة وبالمجالسة تقف على أعماله من ناحية العلم والمعرفة والعبادة والمعاملة الحسنة لزوجته ولأولاده ولأسرته ولجيرانه فتعجب به فتسلم وتصبح بعد أيام من جملة المسلمات ولا سيما وأن المسلمين في تلكم العصور كانوا في غاية من القوة وقد جرت العادة بأن الضعيف يقلد القوي ويتابعه في كثير من أخلاقه وعاداته وتقاليده وفي بعض الأحيان قد يتابعه في دينه وأما في هذه الأيام فقد أصبح البعض من الشباب مخالفاً لما كان عليه الشباب من المسلمين في عصر خير القرون ولم يبق المثل الأعلى في السلوك وحسن السيرة وفي العبادات والمعاملات وفعل الواجبات أو اجتناب المحرمات كما كان الشاب في أيام السلف الصالح فلا يرجى من زواجه بالكتابية أنها تعجب بأخلاقه وبديانته وبعبادته إلى حد أنها تقتدي به فتؤمن بالله وحده وتشهد بأنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وتنخرط في سلك النساء المسلمات بل قد يخشى والعياذ بالله أن يصير حبه لها حباً يجعله يقلد ما في عاداتها وفي تقاليدها أو يتشبه بها في أخلاقها ومعتقداتها فتذوب عاداته وتقاليده في عاداتها وتقاليدها إلى أن يترك بعض الواجبات القطعية التي أوجبها الله على كل مسلم ومسلمة كالصلاة أو الصيام أو يرتكب بعض الكبائر التي دل على تحريمها الكتاب والسنة والإجماع وذلك كشرب الخمر ونحوه من المحرمات القطعية ولا سمح الله والخلاصة أنه يخشى عليه أن يذوب أمامها بدلاً من أن يجذبها ويجعلها تذوب أمامه كما يخشى عليه أن يخرج من الإسلام بدلاً من أن تدخل هي في الإسلام وبناءً على ذلك فيمكن أن نحكم بتحريم زواج الشاب المسلم بالشابة الكتابية من هذه الناحية لأن الزواج بها قد يكون مظنة لما هو حرام فيكون حراماً من باب قول النبي ﷺ (من حام حول الحما يوشك أن يقع فيه) ( ) . هذا وأما المغالاة في المهور فالإسلام يحرمه ولكن الكثير من المسلمين قد حملهم الجشع والطمع حتى ضحوا بمستقبل بناتهم وبراحتهن وبعفتهن في سبيل طمعهم وجشعهم حيث غالوا في المهور المغالاة التي أصبحت تزيد في كل عام زيادات خياليه وأضافوا إلى المهر أشياء ما أنزل الله بها من سلطان حتى أصبح الزواج متعذراً على الكثير من الشباب ولا سيما الفقراء .
2021-08-22 11:56:50