0

فتاوى

الرئيسية / القرض المتبادل بين الموظفين
القرض المتبادل بين الموظفين
السؤال :
بعض الموظفين يتفق على أن كلا منهم يدفع مبلغًا معينًا في كل شهر ، ويُعْطَى مجموع هذه المبالغ لأحدهم في الشهر الأول , وفي الشهر الثاني يُعْطَى لآخر , وفي الثالث لثالث , وهكذا , حتى يصلوا إلى الأخير منهم , وعند ذاك إما أن يجددوا ذلك مرة أخرى أو مرات , وإما أن ينهوا ذلك ، فما حكم هذا العمل ؟ وقد سمعنا أنه ربا , فهل هذا صحيح أم لا ؟
الإجابة
في بعض الحالات يشترط هؤلاء أن أحدهم إذا مات , أو تعسر حاله , أو نقل من العمل , أو انتهى من العمل , فيسقط عنه وعن ورثته ما أخذه من هذا القرض , وهذا الشرط لا يجوز لما فيه من المخاطـرة .
فإذا سلم هذا العمل من هذا الشرط ؛ فقد اختلف أهل العلم في ذلك: فقد قال شيخنا الشيخ صالح بن فوزان الفوزان – حفظه الله – في ” البيان لأخطاء بعض الكتاب ” (ص 377-380): ” هذه المعاملة يجتمع فيها عدة محاذير , كل واحد منها يقتضي تحريمها , وهي:
1- أن كل واحد يدفع ما يدفع بصفة قرض مشروط فيه قرض من الطرف الآخر , فهو قرض جَرَّ نفعًا .
2- أنه شرط عقد في عقد , فهو بيعتان في بيعة , المنهي عنه في الحديث .
3- أن في ذلك مخاطرة …” وقد سبق الكلام على هذا الشرط . ثم قال – حفظه الله –: ” وننقل بعض أقوال العلماء في حكم نظير هذه المعاملة:
1- قال في “المغني ” (4/355): ” وإن شرط في القرض أن يؤجره داره , أو يبيعه شيئا , أو أن يقرضه المقترض مرة أخرى , لم يجز ؛ لأن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – نهى عن بيع وسلف , ولأنه شرط عقد في عقد , فلم يجز , كما لو باعه داره بشرط أن يبيعه الآخر داره ” انتهى .
قال: ” ومثله في ” الشرح الكبير ” (2/483) .
2- سئل سماحة الرئيس العام لإدارة البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – حفظه الله –: ما حكم الإقراض على أن يرد ذلك المبلغ خلال مدة معينة, ومن ثَمَّ يقرضك مثل المبلغ لنفس المدة الأولى ؟ وهل يدخل هذا تحت حديث ” كل قرض جر نفعا فهو ربا ” ؟ علما بأنني لم أطلب زيادة ؟ فأجاب – حفظه الله -: هذا قرض لا يجوز , لكونه قرضا قد شرط فيه نفع , وهو القرض الآخر , وقد أجمع العلماء على أن كل قرض شرطت فيه منفعة فهو ربا , وقد أفتى جماعة من أصحاب النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – بما يدل على ذلك …” ثم بين – رحمه الله – أن الحديث المذكور لا يصح مرفوعا , وإنما هو فتوى بعض الصحابة ، ونقل كلامًا بنحو هذا من ” الإقناع وشرحه ” (3/260) وذكر الشيخ الفوزان – حفظه الله – كلاما لعلماء آخرين , أراه بعيدا عن موضع النـزاع , وعندي فيما قاله الشيخ الفوزان – حفظه الله – بحث ، ووجهه ما يلي:
1- قوله: هو قرض مشروط فيه قرض آخر من الطرف الآخر ، خلاف للواقع , فإن الأول الذي يستلم المبلغ جميعه , يكون دينا عليه , وإذا دفعه على أقساط شهرية , فإنما يكون ذلك قضاء للدين الذي في ذمته , ولا يسمى قرضا منه للمقرض , وقد سلم – حفظه الله – بالجواز في هذه الصورة كما في (ص380) فقال: وقولهم: ” أن هذا من باب التسديد , وليس من باب التقارض ” نقول: هذا إنما يتصور لو كان هذا العمل ينتهي عندما يتكامل عدد الجماعة , لكنه يبدأ مرة ثانية من جديد , فيكون تقارضًا , والله أعلم . اهـ .
قلت: فلو افترضنا انتهاء هذه الشركة بعد تمام عدد الجماعة ؛ فلا إشكال , ولو افترضنا استمرارها على نفس الترتيب السابق ؛ فلا إشكال أيضًا , لأن ما حكمنا به في المرة الأولى نحكم به في غيرها , لكن لو اشترطوا استمرار هذه الشركة مع الاختلاف في الترتيب لمن يأخذ المال أولا , ثم من يليه … إلى نهاية العدد ؛ فيكون لما قاله الشيخ الفوزان وغيره وجه , إلا أن يقع الاختلاف في الترتيب لأمر طارئ لم يكن مشروطا , من باب التعاون على الخير ، وتفريج كربة أحدهم التي نزلت به ؛ فلا بأس , والله أعلم .
2- قوله: هو بيعتان في بيعة: بعيد لا يُسَلَّم له كما لا يخفى , إلا أن يحمل على اشتراط القرض ، وقد سبق بيانه .
3- مسألة أن هذا قرض جر نفعا: خلاف الواقع ؛ لأن المقرض لا يأخذ أكثر من حقه . وقد أفتى شيخنا محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله – بجواز هذا الأمر , فقال في ” شرح رياض الصالحين ” (6/96-97):
” ثم هاهنا مسألة ، يسأل عنها الكثير من الناس: وهي أن يجتمع أناس من الموظفين مثلا , ويقولون: سنخصم من كل راتب من رواتب هؤلاء النفر ألف ريال على كل واحد ، أو عَشْر في المائة من راتبه يعني إما بالنسبة أو بالتعيين , ونعطيها واحدًا منا , وفي الشهر الثاني نعطي الثاني , وفي الشهر الثالث نعطيها الثالث , وفي الشهر الرابع نعطيها الرابع , حتى تدور عليهم ، ثم ترجع للأول المرة الثانية , فبعض الناس يسأل عن ذلك .
والجواب على هذا أن نقول: إن هذا صحيح ولا بأس به , وليس فيه حرج , ومن توهم أنه من باب القرض الذي جر نفعًا ؛ فقد وهم , لأني إذا سلفت هؤلاء الإخوان الذين معي شيئا , فأنا لا آخذ أكثر مما أعطيت , وكونهم يقولون: سوف يرجع إليه مال كثير , نقول: نعم , ولكن لم يرجع إليه أكثر مما أعطى , فغاية ما فيه أنه سلف بشرط أن يوفى , وليس في هذا شيء , فهذا وهم من بعض طلبة العلم الذين يظنون أن هذا من باب الربا , لأنه ليس فيه ربا إطلاقًا , بل هو من باب التساعد والتعاون , وكثيرا ما يحتاج بعض الناس إلى أموال حاضرة تفك مشاكلهم , ويسلم من أن يذهب إلى أحد يتدين منه , ويربي عليه , أو يذهب إلى بنك يأخذ منه الربا , وما أشبه ذلك ، فهذه مصلحة , وليس فيها مفسدة بأي وجه من الوجوه ” اهـ .
قلت: ويحمل قول شيخنا – سلمه الله –: … ” أو عشرة في المائة من راتبه ” على ما إذا كانت الرواتب متساوية لا متفاوتة .
وخلاصة القول: أن هذه المسألة , وتُسَمَّى عند البعض بـ “الجمعية” جائزة بشرط السلامة من المخاطرة , واشتراط أن يقرض المقترض المقرض مرة أخرى , والله أعلم .
2021-09-12 13:01:29
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
65210

ما حكم مال العبور لتعدية الناس

/ فتاوى المعاملات المالية

علي بن محمد بارويس
55557

حكم دفع الرشوة من أجل إحقاق الحق واستخراجه

/ فتاوى المعاملات المالية

علي بن محمد بارويس
63803

اللعب على من يدفع الثمن

/ فتاوى المعاملات المالية

أحمد بن حسن سودان المعلم
فتاوى لنفس المفتى / اللجنة
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
61700

حكم مصارف زكاة الفطر

فتاوى الزكاة / فتاوى زكاة الفطر

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
61544

المقصود بأهله في قولهﷺ خيركم خير لأهله

فتاوى الحديث الشريف وعلومه / فتاوى مصطلح الحديث

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
61670

دعاء الاستفتاح في صلاة العيد

فتاوى الصلاة / فتاوى صلاة العيدين

اﻟﺷﯾﺦ أﺑﻲ اﻟحسن مصطﻔﻰ اﻟﺳﻠﯾﻣﺎﻧﻲ
54286

الفرق بين البلاغة والحجة

فتاوى الحج والعمرة / فتاوى شروط وجوب الحج

القاضي محمد بن إسماعيل العمراني
65879

العدل بين الأبناء

فتاوى المعاملات المالية / فتاوى الهبة

علي بن محمد بارويس
63401

الجمع بين غسل الجنابة والجمعة

فتاوى الطهارة / فتاوى الغسل

أحمد بن حسن سودان المعلم
فتاوى من نفس الموضوع