المشي بنعال واحدة
السؤال :
بعض الناس تنقطع إحدى نعليه، فيرمي بها ، ويمشي في الأخرى ، أو قد يخرج من المسجد ؛ فلا يجد إلا إحدى نعليه فيلبسها ، فهل هذا جائز أم لا ؟
الإجابة
إن هذا الأمر مخالف لسنة رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فقد جاء في ” الصحيحين ” من حديث أبي هريرة t أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال: ” لا يمشِ أحدكم في نعل واحدة ، لِيَنْعَلْهما جميعًا ، أو لِيَخْلَعهما جميعًا ” وعند مسلم من حديثه أيضًا أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – قال: ” إذا انقطع شِسع نعل أحدكم ؛ فلا يمشِ في الأخرى حتى يصلحها ” .
والشِّسْع هو أحد سيور النعل يُدخل بين الأصبعين ، ويُدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل اهـ . من ” لسان العرب ” (8/180) .
وقد اختُلِف في علة هذا النهي ، فذكر النووي – رحمه الله – في ” شرح مسلم ” (14/301) ” أن العلماء قالوا: وسببه أن ذلك تشويه , ومُثْلَةٌ , ومخالف للوقار ، ولأن المنتَعلة تصير أرفع من الأخرى ؛ فيعسر مشيه ، وربما كانت سببًا للعثار ” اهـ .
وذكر الحافظ في ” الفتح ” (10/309-310) وجوهًا كثيرة في ذلك، فقال – رحمه الله –: ” قال الخطابي – رحمه الله –: الحكمة من النهي أن النعل شُرِعَتْ لوقاية الرِّجْل مما يكون في الأرض من شوك أو نحوه ، فإذا انفردت إحدى الرِّجْلين ؛ احتاج الماشي أن يتوقى لإحدى رجليه ما لا يتوقى للأخرى ، فيخرج بذلك عن سجية مَشْيِة ، ولا يأمن مع ذلك من العثار ، وقيل: لأنه لم يعدل بين جوارحه ، وربما نُسِب فاعل ذلك إلى اختلال الرأي أو ضعفه ، وقال ابن العربي: قيل: العلة منها أنها مشية الشيطان ، وقيل: لأنها خارجة عن الاعتدال ، وقال البيهقي: الكراهية فيها للشهرة ، فتمتد الأبصار لمن ترى ذلك منه ، وقد ورد النهي عن الشهرة في اللباس ، فكل شيء صيّر صاحبه شهرة ؛ فحقه أن يُجْتنب ” اهـ .
وهذا النهي ظاهره التحريم لولا ما قاله النووي – رحمه الله – ” إن هذه المسألة مجمع على أنها – أي لبس النعلين جميعًا – مستحبة لا واجبة ” اهـ ، وبوَّب – رحمه الله – في ” رياض الصالحين ” لذلك بالكراهة فقط ، فينظر في ثبوت الإجماع ، وإلا فظاهر النهي – وما ذكره العلماء من التعليل له – يدل كل هذا يدل على التحريم ، والأولى بالمسلم أن يتجنب هذا ، وإن كان مكروهًا فقط ، وذلك كله من تمام الدين والورع المتين, والله أعلم .
2021-09-12 13:03:19