المغالاة في المهور
السؤال :
س:هل المغالاة في المهر وتوابعه حرام شرعاً أم لا ؟ وما حكم من يفعل ذلك ؟|
الإجابة
ج:اعلم أن الواجب على الولي شرعاً تزويج من بلغت من النساء إذا رضيت بالزواج بمن يخطبها ممن يرضى الولي أمانته ودينه وخلقه ولا يجوز للولي أن يمتنع من العقد لمن قد رضيت به زوجاً بحجة قلة المهر ولا يحق له أن يحرم ابنته أو أخته أو أي قريبة له من الزواج ممن قد أتى إليه خاطباً راغباً في الزواج بها مهما كان كفواً لها من ناحية الدين والخلق إذا كانت بالغة عاقلة راضية بأن يكون الخاطب زوجاً لها وشريكاً لها في الحياة ومن امتنع عن العقد بابنته أو قريبته بعد الرضاء منها ممن كان ذو خلق ودين فهو آثم شرعاً كما أنه عاضل شرعاً والعاضل في الشرع تنتقل ولايته على ابنته أو قريبته بأدنى عضل يقع منه إلى من يليه من الأقارب الأقرب فالأقرب فإن امتنع الأقرب عن العقد أو كان غائباً انتقلت الولاية إلى من بعده من الأولياء فإن لم يكن لها ولي غيره أو كان لها ولي آخر أو أولياء آخرون وامتنعوا جميعاً عن العقد بها أو كانوا غائبين الغيبة المحدودة في كتب الفقه فالولاية تنتقل إلى القاضي الشرعي في المنطقة يعرف الحقيقة ويجري اللازم فهو ولي من لا ولي له من النساء في النكاح وولي من عضلها وليها أو أولياؤها من عقد النكاح ممن قد رضيت به زوجاً من الأكفاء من الناحية الأخلاقية والدينية كما نص على ذلك العلماء قال رسول الله ﷺ (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير) ( ) وسواء كان الولي قد امتنع عن تزويج ابنته أو قريبته نتيجة لطمعه بالمال الزائد أو الشرط الزائد أو كان نتيجة للخوف من أن تخرج التركة من ملكة إلى ملك ابنته بعد موته فيرثها زوجها وأولادها منه بعد موتها أو كان السبب هو غير هذين السببين من الأسباب التي تمنع الولي من زواج قريبته حتى تحرم من الزواج ويذهب شبابها وهي عانس فتتقدم في العمر تقدماً يجعل الرجال يرغبون عنها إلى حد أنها تصير ضحية الطمع وحب المال أو الحرص على بقاء التركة في يد أولاد الولي من الذكور ثم أولادهم وتكون العاقبة في بعض الأحيان وخيمة حيث يموت وليها وتبقى فقيرة لا زوج يعولها ولا أبناء يقومون بواجب الإنفاق عليها كما تكون العاقبة بعض الأحيان أنها تنحرف بأن يغويها الشيطان بالاتصال المحرم نتيجة لقوة الغريزة الجنسية أيام الشباب ولا سيما إن كانت فارغة لا عمل يلهيها وخصوصاً إذا كانت في نعيم ورفاهية بحيث لا تفكر في أي شيء من الضروريات أو الكماليات إن الشباب والفراغ والجدة مفسدة للمرء أيَّ مفسدة . فالشباب والغناء والفراغ قد تكون هذه العوامل مدعاة للشر ويكون الولي العاضل لقريبته عن الزواج مسئولاً أمام الله عن أي جريمة تحصل من المرأة ولا تكون وحدها هي المسؤلة أمام الله إذا عملت أي عمل محرم أو غير مشروع أو انحرفت عن سلوكها وأصبحت في عداد المومسات والعياذ بالله بل يشاركها في الإثم وفي الجريمة وليها الذي عصى الله بامتناعه عن زواجها نتيجة الجشع والطمع وحب المال أو الحرص على التركة غير مبال بمخالفته لأمر النبي ﷺ ولا بما يلحقه من الخزي والعار في الدنيا والعذاب في الآخرة وهذا هو معنى قوله ﷺ (إلا تفعلوا تكن فتنة وفساد كبير) ( ) ولهذا نهى الله الأولياء عن عضلهم بمن قد رضيت به قريبته زوجاً لقوله تعالى (فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن) ( ) وقرر العلماء انتقال الولاية من العاضل إلى من يليه فوراً ثم أخيراً إلى القاضي الشرعي يتولى عقد البالغة العاقلة الراضية بالزواج بمن هو كفؤ لها من الناحية الأخلاقية والدينية سواء رضي الولي أو لم يرض فلم يبق له حقٌ في الولاية عليها أما إذا كان الزواج غير كفؤ للمرأة من ناحية الدين والأخلاق ورفض الولي العقد لقريبته بهذا الخاطب الذي ليس بكفؤ لهذه المرأة فلا يسمى عاضلاً ولا تنتقل ولاية عقد النكاح منه إلى من يليه من الأولياء أو إلى القاضي الشرعي المولى ولا حق لأحد من الأقارب أن يعقد لها لكونه في هذه الحالة غير عاضل وهكذا إذا كان الولي لم يوافق على العقد بحجة أنه غير عارف بالزوج من ناحية الدين حتى يسأل ويبحث فإنه في هذه الحالة لا يسمى أيضا عاضلاً ولا تنتقل الولاية منه إلى غيره من الأولياء أو إلى القاضي لأن جهله بكفاءة الخاطب عذر له في التأني حتى يعرف كفاءة الخاطب من عدمها فإذا عرف الحقيقة واتضح له كفاءة الخاطب ثم امتنع عن العقد له وقد أصبحت قريبته راضية فإنه يصير عاضلاً لها ويحق لمن يليه من الأولياء أن يعقد لها كما يحق لها أن تتقدم إلى القاضي وتبرهن على العضل ليأذن لمن يليه بالعقد إن رضي وإلا فالإذن منه يكون لمن بعده من الأولياء الموجودين الحاضرين فإن غابوا جميعاً أو تمردوا أو غاب بعضهم وتمرد البعض فله الحق في العقد بها بمن ترضاه زوجاً من الأكفاء في الدين والخلق على رغم انف كل ولي هذا واعلم أيها السائل بأن المهر هو ملك للزوجة تتصرف فيه كيف ما تشاء وليس لوالدها أو أي ولي أخذ شيء من مهر من يعقد بها من بناته أو أحد قريباته إلا بطيبة من نفسها سواء كان قليلاً أم كثيراً فمن عقد لأخته أو ابنته أو بنت عمه واخذ المهر كاملاً ولم يشتر للمعقود بها شيء من الحلي أو من أي شيء تملكه أو أخذ بعض المهر فهو ظالم للمعقود عليها ما لم تسمح به له عن رضا واقتناع واختيار أما إذا سمحت له مسامحة ناتجة عن حياء أو خجل أو ضغط أو إكراه فحكم المسامحة هذه أنها غير معتبرة شرعاً .
2021-08-22 11:56:51