تقديم الفتوى في وقتها المناسب
السؤال :
هل للمُفتي أن يُجيب عن كل مسألةٍ على الهواء أو في المجالس الجامعة؟
الإجابة
لا هذه مسألة يجب أن يكون فيها تثَبُّت ويكون فيها نظر من عدة جوانب، فمثلاً بعض الفتاوى ربما تُفهم على خلاف المقصود، وبالتالي لا يجوز أن يُفتى بها على الهواء في القنوات مثلاً، أو في المواقع الإلكترونية التي يطّلع عليها كل أحد، حيث أن بعضهم سيفهمها خطأً ويُنزّلها خطأً، ثم يُنسبها إلى الشرع و إلى الدين و إلى ذلك المفتي الذي أفتى بها، وهو لا يقصد هذا الفهم الذي فهمهُ ذلك القارئ، أو ذلك المُشاهد.
عُمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حديث في البخاري حينما أراد أن يتكلم في منه بين جموع الحجيج في كلامٍ ذا أهمية وخطورة ،عبد الرحمن بن عوف فنهاه قال يا أمير المؤمنين لا تفعل هذا الكلام ستتكلم به بين عموم هؤلاء الناس بعضهم حديث العهد بالإسلام، بعضهم قليل الوعي، قليل الفهم، ربما أيضاً بلغات أخرى، ولهجات أخرى فيسمعون كلامك ويطيرون به في الآفاق وكلاً يعقده بطريق، إذا رجعت إلى المدينة وخلُص لك المهاجرون و الأنصار الذين يفهمون ما تقول حدثهم، فإذاً ما ينبغي، هذا جانب.
الجانب الآخر أنه بعض الأسئلة حقوقية، يعني يسألك أحدهم يقول أنا و شريكِ بيننا كذا وكذا، وقد زعم كذا وكذا، وأنا أقول أنه كذا وكذا، فلمن يكون هذا الحق، هل أنا على حق أو أنا على باطل أو يحق أن أخذ هذا الشيء أو لا أخذه هذه أشبه، بل هي مُحاكمة، يعني دعوة على الخصم، فإذا أفتيت على موجب كلامهِ ربما خصمهُ عندهُ ما هو أقوى من كلام هذا، بُحجة أبلغ، فلو سمعتها لغيرت الفتوى. والمشكلة تضاف إلى هذا حتى لحظة أن بعض القُضاة في بعض البلاد مثلاً اليمن خاصة الفترة الأخيرة ليسوا فقهاء، وليسوا يعني على وعي ومعرفة وعلم بالأحكام الشرعية، وليسوا راسخين في علم القضاء، فلو سمع أو جاء المُستفتي هذا، وقال له قد أفتى الشيخ الفُلاني بهذا، عنده صدق وعنده رأي يحب الخير، يقول فلان أفتى في هذا، كيف لي أن أتجاوز في فتواه، و إذا بهِ أنت تتدخل في أمر القضاء، وتحرف العدالة وتتسبب في أن يُظلم أحد الخصمان، كذلك في مثل مسائل الطلاق كثير من العلماء كنت أجالسهم وأسمع من يأتي ويسألهم عن مسائل من مسائل الطلاق فيقولون راجع القاضي ليس هنا مكان الاستفتاء في هذه الأمور، لماذا؟ لأن القاضي قادر على أن يستدعي المرأة ووليّها، و إذا كان هناك شهود بينهما، ويسمع من هذا، ويسمع من هذا، حتى تتضح المسألة بدقة؛ لأن المسألة خطيرة إن أبانها منهُ، وحرمها منه، وحرمه منها، و ربما بينهما أولاد، الأمر خطير وكبير، و إن أرجعها إليه وهي لا تحل له فهذه مصيبة، فمثل هذه الأمور ينبغي لمن يتصدى للفتوى أن يحذر ويحرص ألّا يتسرع فيها، و ألّا يجيب على كل سؤال وردهُ، لأن بعض الأسئلة قد يكون فيها فهم خطأ وتتسبب في ظلم بعض الأطراف، بعض المسائل قد تكون يلزم فيها السماع من الجهات المختلفة، فكونك تسمع من طرف وتفتي، ثم بعد ذلك قد يأخُذها أُناس لأن الذي يسمعُك كثيرون، يقيسون أنفسهم على ما تقول، وبالتالي تحصل الأخطاء كبيرة.
2021-11-15 07:31:40