عمارة المسجد من أموال الزكاة
السؤال :
س:نجمع زكاتنا نقوداً وحبوباً عند رجل أمين ونبني بها مدارساً فهل تبرأ ذمتنا من الزكاة الواجبة علينا مع أن الحكومة قد تنازلت عن ثلاثة أرباع الزكاة لصرفها في المشاريع ؟
الإجابة
ج:مسألة عمارة المسجد أو المدرسة التي يدرس فيها الأطفال أو الشباب أو غيرهم العلوم الدينية أو الدنيوية النافعة من الزكاة المفروضة على الأغنياء في ذهبهم أو فضتهم أو في ما أخرجت الأرض من النبات والأشجار وغيرها من الأموال التي تجب فيها الزكاة . هي من المسائل الخلافية الاجتهادية التي اختلفت فيها أنظار العلماء من المتقدمين ومن المتأخرين والذي ذهب إليه جمهور العلماء المتقدمون هو عدم جواز صرف الزكاة الواجبة في عمارة المساجد أو المدارس الدينية أو في مقررات لمن يعلم الناس العلم النافع والواجبات الدينية من العلماء أو الفقهاء الذين سيتفرغون لهذا العمل . والذي ذهب إليه أئمة المذهب الزيدي الهادوي هو جواز صرف الزكاة فيما فيه مصلحة عامة للناس مثل عمارة المساجد والمدارس وغيرها مما فيه مصلحة عامة للمسلمين والسبب الذي من أجله وقع الخلاف بينهم هو خلافهم في تفسير قوله تعالى (في سبيل الله) في الآية المدنية التي نزلت على النبي ﷺ في بيان مصارف الزكاة وهي قوله عز وجل (إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله)( ) فالبعض من العلماء قالوا معنى قوله تعالى (وفي سبيل الله) أو في الطرق الموصلة إلى الله لأن السبيل في اللغة هو الطريق فكأنه قال وفي الطريق الموصلة إلى رضاء الله وذلك كعمارة المساجد والمدارس وغيرها من الأشياء الموصلة إلى الله عز وجل وكالصرف على المجاهدين في سبيل الله بل إن الصرف للزكاة الواجبة في المجاهدين في سبيل الله هو الأقدم والأهم من غيره ولكنهم لا يقولون : أن سبيل الله هو الصرف في المجاهدين فقط ولا يجوز في غيره من الأشياء الموصلة إلى الله عز وجل مثل عمارة المساجد والمدارس بل يقدمون الصرف على المجاهدين أولاً ثم يجوِّزون الصرف في سائر المصالح و قد نظروا إلى هذه الآية من الناحية اللغوية لأن السبيل في اللغة هو الطريق فتكون معنى الآية وفي الطريق الموصلة إلى الله وهي تعم المجاهدين وسائر الأشياء التي فيها مصلحة للإسلام والمسلمين ولكن الفريق الثاني وهم القائلون بأن في سبيل الله هو الجهاد فقط قد نظروا إلى ما جاء في حديث أبي سعيد الخدري t عند ابن ماجه والحاكم مرفوعاً بلفظ (لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة العامل عليها أو رجل اشتراها بماله أو غارم أو غاز في سبيل الله أو مسكين تصدق عليه منها فاهدى لغني) قالوا هذا الحديث قد بين لنا أن المراد بسبيل الله في الآية هو الغازي في سبيل الله أي المجاهد في سبيل الله ولهذا حصروا سبيل الله في المجاهد ولم يجوِّزوا الصرف في غيره حتى ولو كان فيه مصلحه للإسلام والمسلمين كعمارة المساجد والمدارس . وهكذا المجتهدون من العلماء المتأخرين كالجلال والأمير والشوكاني وصديق حسن خان الهندي ومحمد رشيد رضى قد اختلفت أنظارهم كما اختلفت أنظار المتقدمين فمنهم من ذهب إلى جواز صرف الزكاة في المجاهدين وفي سائر المصالح كالعلامة الحسن بن أحمد الجلال مؤلف ضوء النهار المشرق على حدائق الأزهار والعلامة محمد رشيد رضى مؤلف "المنار في تفسير القرآن" .
ومنهم من ذهب إلى ترجيح الصرف في المجاهدين دون غيرهم ولو كان فيه مصلحه للمسلمين كالعلامة محمد بن اسماعيل الأمير مؤلف منحة الغفار على ضوء النهار وصديق حسن خان القنوجي العلامة الهندي مؤلف كتاب البيان في تفسير القرآن ومنهم من اختلفت أنظاره كالحافظ الشوكاني الذي جوز الصرف في أي طريق من الطرق الموصلة إلى الله في كتابه (وبل الغمام حاشية شفاء الأنام) ولم يجوزه في السيل الجرار المتدفق على حدائق الأزهار .
والخلاصة : أن المسألة خلافيه (وكل مجتهد مصيب) والراجح عند علماء المذهب الهادوي الزيدي هو الجواز والمراد بعمارة المسجد هو ما يكن المصلين من الشمس والبرد والمطر لا ما زاد على ذلك من النقوش والزخرفة والفراش هذا والله ولي الهداية والتوفيق .
2021-08-17 08:53:31