حائض طَهُرَتْ فيما بين صلاة العصر والمغرب
السؤال :
امرأة حائض طَهُرَتْ فيما بين صلاة العصر وصلاة المغرب , أو طَهُرَتْ في وقت صلاة العشاء , فهل يلزمها أن تصلي العصر أو العشاء فقط ؟ أم يلزمها أن تصلي الظهر والعصر , أو المغرب والعشاء جميعا ؟
الإجابة
ذهب جمهور التابعين والعلماء إلى أن المرأة إذا طهرت قبل الغروب ؛ فإنها تقضي الظهر والعصر جميعًا , وإذا طهرت في وقت صلاة العشاء ؛ صلت المغرب والعشاء جميعًا , وخالف الحسن البصري وبعض أهل العلم في ذلك , فقالوا: تصلى صلاة العصر أو العشاء فقط .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – مُقَوِّيًا لقول الجمهور: ” وقد دلَّ الكتاب والسنة على أن المواقيت خمسة في حال الاختيار , وهي ثلاثة في حال العذر , ففي حال العذر إذا جمع بين الصلاتين: بين الظهر والعصر , وبين المغرب والعشاء ؛ فإنما صلى الصلاة في وقتها , لم يصل واحدة بعد وقتها , ولهذا لم يجب عليه عند أكثر العلماء أن ينوي الجمع , ولا ينوي القصر , وهذا قول مالك , وأبي حنيفة , وأحمد في نصوصه المعروفة , وهو اختيار أبي بكر عبدالعزيز ” .
قال: ” ولهذا كان عند جمهور العلماء كمالك , والشافعي , وأحمد: إذا طهرت الحائض في آخر النهار ؛ صلت الظهر والعصر جميعًا ، وإذا طهرت في آخر الليل ؛ صلت المغرب والعشاء جميعًا , كما نقل ذلك عن عبدالرحمن بن عوف , وأبي هريرة , وابن عباس , لأن الوقت مشترك بين الصلاتين في حال العذر ، فإذا طهرت في آخر النهار ؛ فوقت الظهر باقٍ فتصليها قبل صلاة العصر , وإذا طهرت في آخر الليل ؛ فوقت المغرب باقٍ في حال العذر , فتصليها قبل العشاء ” .
قال: ولهذا ذكر الله المواقيت تارة خمسًا , ويذكرها ثلاثًا تارةً , كقوله ] وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ [الآية , وهو وقت المغرب والعشاء , وكذلك قال الله تعالى: ] أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الفَجْرِ [ والدلوك هو الزوال , وغسق الليل هو اجتماع ظلمة الليل , وهذا يكون بعد مغيب الشفق , فأمر الله بالصلاة من الدلوك إلى الغسق , فَرَضَ في ذلك الظهر والعصر والمغرب والعشاء , ودل ذلك على أن هذا كله وقت الصلاة , فمن الدلوك إلى المغرب وقت الصلاة , ومن المغرب إلى غسق الليل وقت الصـلاة , وقال ] وَقُرْآنَ الفَجْرِ [لأن الفجر خصت بطول القراءة فيها , ولهذا جعلت ركعتين في الحضر والسفر , فلا تُقْصَر ولا تُجْمَع إلى غيرها , فإنه عُوِّضَ بطول القراءة فيها عن كثرة العدد ” اهـ من ” مجموع الفتاوى ” (21/434-435) وفي (23/334) ذكر أن أبا حنيفة خالف الجمهور في ذلك .
وقد ذهب إلى قول الجمهور سماحة الوالد شيخ الإسلام عبدالعزيز بن عبدالله بن باز – رحمه الله تعالى – كما في “تحفة الإخوان” (ص67) برقم (11) وذكر أن وقت الصلاتين واحد في حق المعذور: كالمريض , والمسافر, وهي – أي المرأة الحائض – معذورة بسبب تأخر طهرها … اهـ .
وذهب لذلك أيضًا الشيخ صالح بن فوزان آل فوزان – حفظه الله – في ” الملخص الفقهي ” (1/59-60) .
وكذا قال بهذا القول شيخنا الألباني – حفظه الله – كما في ” الموسوعة الفقهية الميسرة ” رقم (4) في الحيض والنفاس (ص76) للأخ حسين العوايشة – حفظه الله -.
وذهب شيخنا محمد بن صالح العثيمين – حفظه الله – إلى خلاف قول الجمهور , فقال في ” رسالة في الدماء الطبيعية للنساء ” (ص13) في الفصل الرابع: ” وإذا أدركت ركعة من وقت صلاة العصر , فهل تجب عليها صلاة الظهر مع العصر , أو ركعة من وقت صلاة العشاء الآخرة , فهل تجب عليها صلاة المغرب مع العشاء ؟ في هذا خلاف بين العلماء , والصواب: أنها لا يجب عليها إلا ما أدركت وقته , وهي العصر والعشاء الآخرة فقط , لقوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم –: ” من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس , فقد أدرك العصر ” متفق عليه , ولم يقل النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم –: فقد أدرك الظهر والعصر , ولم يذكر وجوب الظهر عليه , والأصل براءة الذمة , وهذا مذهب أبي حنيفة ومالك , حكاه عنهما في ” شرح المهذب ” (ص70) (ج3) اهـ ” .
هذا , والنفس تميل إلى ما ذهب إليه الجمهور , وقد وردت آثار عن التابعين في ذلك , انظرها في ” مصنف عبد الرزاق ” (1/332) وما بعدها , باب صلاة الحائض برقم (1281) وما بعده , وكذا ” مصنف ابن أبي شيبة ” (2/123-124) برقم (7204-7213) في باب الحائض تطهر آخر النهار , وفي” السنن الكبرى للبيهقي ” (1/387) و
” معرفة السنن والآثار ” (1/417-418/547) والله تعالى أعلم .
2021-09-12 13:01:29