حكم بول الأطفال على الملابس
السؤال :
س:ما قول العلماء فيمن بال على ملابسه الطفل هل يكتفى برشها بالماء ولا يلزم الغسل إلا من بول الطفلة الأنثى فقط؟|
الإجابة
ج:أعلم أنَّ هذه المسألة من المسائل المختلفة المشهورة في كتب الفقه وشروح الحديث وهي مسألة بول الأطفال الصغار الرضع الذين لم يتغذوا بشيء من الأشياء المطعومة غير لبن المرضعات هل بول هؤلاء الأطفال الصغار من النجَّاسات المغلظة التي لا بُدَّ في تطهيرها من الغسل بالماء مثل سائر الأبوال أم أنها من النجاسات المخففة التي يكفى فيها الرش بالماء ولا يجب غسلها مثل غيرها من النَّجاسات أو أنَّه يوجد فرق بين الأطفال من الذكور والأطفال من الإناث في تطهير أبوال كل واحد من الجنسين فمن العلماء من ذهب إلى أن أبوال الأطفال الصغار الرضع نجسه نجاسة مغلظة تحتاج إلى الغسل المعتاد في غسل أبوال الآدميين الكبار سواء كان هؤلاء الأطفال من البنين أو البنات أيْ سواء كانوا ذكوراً أو إناثاً ومن هؤلاء العلماء الحنفية والهادوية الزيدية ومن العلماء من ذهب إلى القول بأنه يكفى الرش لبول من كان صغيراً لم يتغذى بشيء غير اللبن الذي يرضعه من المرضعة سواء كان هذا الرضيع ذكراً أم أنثى وهذا الرأي قد حكى عن مالك والشافعي والأوزاعي ومن العلماء من فرق بين أن يكون الرضع ذكراً أم أنثى فأوجب في بول الأنثى الغسل مثل سائر الأبوال ولم يوجب الغسل في بول الذكر بل اكتفى بالنضح أيْ بالرش وهذا الرأي هو الذي قال به جماعة من العلماء وهو المروي عن علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه و عن أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها وقال به النخعي والثوري وعطاء والحسن البصري والزهري والأوزاعي ومالك في رواية أخرى عنهما وهو مذهب أحمد بن حنبل وداود بن علي الظاهري ورجحه من المتأخرين العلامة الشوكاني في النيل والوبل وغيرهما من مؤلفاته القيِّمة كما رجَّحه العلامة محمد بن صديق بن حسن بن علي القنوجي مؤلف كتاب الروضة الندية شرح الدرر البهية وقد احتج القائلون بوجوب الغسل مطلقاً سواءً كان الطفل ذكراً أم أنثى بالأدلة العمومية الدالة على وجوب غسل جميع الأبوال لأنها لم تفرق بين أن يكون البول بول صغير أو بول كبير كما أنَّها لم تفرق بين أن يكون الصغير ذكراً أم أنثى واحتج القائلون بأنه يكفي الرَّش على بول الطفل الرضيع سواءً كان الطفل ذكراً أم كان أنثى بالأحاديث التي وردت عن الرسول ﷺ التي تصرح بأن النضح ( ) كاف لغسل بول الصغير وهي وإن كانت في بول الطفل فقد الحقوا بالطفل الطفلة من باب القياس واحتج أهل القول الثالث بالأدلة الصحيحة الدالة على وجوب غسل بول الطفلة والاكتفاء في بول الطفل مهما كان رضيعاً كحديث (بغسل من بول الجارية ويرش من بول الغلام)( ) أخرجه ابن ماجة وأبي داود والبزار وابن خزيمة من حديث أبي السمح خادم رسول الله ﷺ وصححه الحاكم رحمةُ الله وحديث أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب كرم الله وجهه مرفوعاً إلى النبي ﷺ أنه قال: (بول الغلام الرضيع ينضح وبول الجارية يغسل)( ) أخرجه أحمد والترمذي وحسنه وحديث أم الفضل أن الحسين بن علي بال في حجر الرسول ﷺ فقال النبي (إنما ينضح من بول الذكر ويغسل من بول الأنثى)( ) أخرجه أحمد وأبو داود وابن ماجة وابن خزيمة وابن حبان والطبراني.
أمَّا الراجح عندي فهو القول الأخير الذي يفرق بين أبوال الرضع وبين أبوال الرضيعات لأن النصوص المذكورة صريحة في التفرقة وصحيحة من ناحية الإسناد وأمَّا ما احتجَّ به أهل القول الأول فهي عمومات مخصصة بالأحاديث الصريحة في الفرق بين الجنسين والقاعدة الأصولية تدل أنه لا تعارض بين العموم والخصوص بل اللازم أن يعمل بالخاص فيما تناوله وبالعام في الباقي وأمَّا ما احتجَّ به أهل القول الثاني فهو قياس فاسد الاعتبار لكونه مصادماً للنصوص والقاعدة الأصولية تقضي بعدم العمل بأي قياس يصادم النص فعلى هذا الأساس فالجماعة الذين يفتونك بأنه يكفي الرَّش على بول الطفل بالماء رشاً فقط ولا يجب غسله بالماء كسائر الأبوال قد بنوا في فتواك وفي فتوى غيرك ممن يستفتيهم على المذهب الحنبلي على الأدلة التي استدل بها أهل هذا المذهب ومن وافقهم هذا والله أعلم.
2021-08-14 13:14:41