حكم صلاة الجماعة
السؤال :
س:هل صلاة الجماعة واجبة أم سنة مؤكدة ؟|
الإجابة
ج:الوجوب مذكور في شرح المنتقى وغيره ومعنى ذلك أن صلاة الفرد غير صحيحة وهذا القول هو المروي عن داود الظاهري وبعضهم يجعل حضور الجماعة فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن البعض الآخرين وهو المروي عن الشافعي في أحد قوليه وقال كثير من المالكية والحنفية وإليه ذهب جماعة من العلماء مثل الإمام مالك والإمام أبو حنيفة والإمام الهادي والإمام زيد بن علي إلى أن الجماعة سنة مؤكدة وليست واجبة لا وجوب عين ولا وجوب كفاية بمعنى أن من صلى جماعة استحق الثواب ومن لم يصل جماعة بل فرادى لا يستحق العقاب وإنما هو محروم من الأجر العظيم ودليل هؤلاء حديث (صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة)( ) وحديث " صلاة الرجل في جماعة تزيد على صلاته في بيته أو سوقه بضع وعشرين درجة"( ) وهذان حديثان صحيحان الأول عن ابن عمر رضي الله عنهما والثاني عن أبي هريرة t وأحاديث أخرى تدل على أن صلاة الفذ صحيحة ولكنها مفضولة وأن الجماعة سنة مؤكدة وليست بواجبة ومنها الحديث الذي قال الرسول ﷺ فيه للرجلان اللذان وصلا والنبي ﷺ يصلي بالناس فلم ينظما إلى الجماعة بل جلسا والنبي ﷺ يصلي بالناس بحجة أنهما قد صليا قال لهما (إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة يصلون فصليا معهم فإنها لكما نافلة"( ) و من أدلة القائلين بأنها سنة لا واجبة حديث أبي موسى مرفوعاً إلى الرسول ﷺ أنه قال : (إن أعظم الناس أجراً في الصلاة أبعدهم ممشاً فأبعدهم ، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجراً من الذي يصليها ثم ينام)( ) كما في البخاري ومسلم وهذه الأحاديث وغيرها من الأحاديث الدالة على أن صلاة المسلم فرادى جائزة ولكنها مفضولة ومهما يكن فمن اطلع على ما ورد من الأحاديث في موضوع صلاة الجماعة يجدها شبه متعارضة حيث وبعضها يدل على وجوب صلاة الجماعة كالأحاديث المنقولة عن الذهبي وغيرها من الأحاديث الدالة على الوجوب ومنها أحاديث تدل على أنها سنة مؤكدة كما في الأحاديث التي ذكرتها في جوابي هذا فكان الجمع بين الأدلة المتعارضة أنها سنة مؤكدة وذلك بتأويل الأدلة الدالة على الوجوب و العمل بالأدلة الدالة على السنية جمعاً بين الأدلة كما عمل الشوكاني مرجحاً مذهب مالك وأبي حنيفة والهادي والإمام زيد بن علي وغيرهم ممن يذهب إلى عدم وجوب الجماعة وهو الذي رجحته في جوابي السابق كما أن القائلين بالوجوب قد عملوا بالأحاديث التي ذكرتها في سؤالك نقلاً عن الذهبي وغيرها مما يدل على الوجوب وأول الأحاديث الدالة على السنة كما عمله الألباني في كتابه "تمام المنة" ترجيحاً إلى ما ذهب إليه مالك وأحمد وداود وغيرهم من القائلين بألا يتخذ المصلي التخلف عن الجماعة خلقاً وعادة حيث لا يرى في أي مسجد من المساجد كما هو رأي الحنفية ولقد روي عن شيخ الإسلام في الدولة العثمانية في أيام قوتها رد شهادة السلطان ولم يعمل بموجبها ولم يحكم لمن كان السلطان قد شهد في صالحه فلما علم السلطان سأله عن المانع من الحكم بموجب تلك الشهادة فأفاد القاضي لأن السلطان يصلي في قصره فرادى دائماً وعلى جهة الاستمرار وعلماء الحنفية أو بعضهم يجرحون عدالة من اعتاد الصلاة فرادى ولو كان حاكماً فأمر السلطان بعمارة مسجد في حديقة داره وكان يحضر هو وعسكره وخدامه للصلاة جماعة خلف إمام عينه لهذا الغرض ثم أتى يشهد لشخص في قضية شرعية ينظر ما سيكون من القاضي المذكور وفعلاً حكم القاضي بموجب الشهادة فلما سئل عن اختلاف رأيه في شهادة السلطان أجاب المانع من قبول الشهادة في المرة الأولى قد زال .
والخلاصة :
1) مسألة حكم صلاة الجماعة فيها خلاف قيل أنها واجبة وقيل أنها سنة مؤكدة .
2) من قال بالوجوب عمل بالأدلة الدالة على الوجوب وأوَّل غيرها ومن قال بالسنية عمل بالأدلة الدالة على السنية وأوَّل غيرها .
3) رجح الألباني قول أحمد وداود وغيرهم من القائلين بالوجوب كما رجح الشوكاني قول المالكية والحنفية والهادوية وغيرهم .
4) بعض من يقول أن الجماعة سنة وليست بواجبة يشترط بأن يكون المصلي سيصلي في بيته منفرداً في بعض الأحيان لا أن يجعل عمله مستمراً ويجعل صلاته فرادى خلقاً وعادة أما من يجعلها خلقاً وعادة فهو مجروح العدالة لديهم .
2021-08-11 08:16:52