حكم مصارف زكاة الفطر
السؤال :
ما هو المصرف الشرعي لزكاة الفطر ؟
الإجابة
عند الحنابلة وأكثر الشافعية أن زكاة الفطر تسمى صدقة , وهي داخلة في عموم قوله تعالى: ]إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ[ [التوبه:60] وأن مصرف زكاة الفطر عندهم هو مصرف زكاة المال ؛ فإن كان الرجل يؤدي زكاته إلى الإمام ؛ فالإمام يصرفها في الأصناف الثمانية , وهل يقسم بين الأصناف الثمانية بالسوية ؟ الراجح أنه لا يلزم ,
والعبرة بالحاجة والمصلحة , وإذا كان الرجل يتولى تقسيمها بنفسه ؛ فَيَخْرُج صنفُ “العاملين عليها” لعدم وجوده , ويَخْرُج صنفُ “المؤلفة قلوبهم” لأن ذلك راجع للإمام , وفي رواية عن أحمد , وقول لمالك , وأبي حنيفة: أنها تُصْرَف في الفقراء والمساكين , وهو القول الذي نصره شيخ الإسلام ابن تيمية ، كما في “مجموع الفتاوى” (25/71-78) .
وقد علمتَ أن دليل من عمم المصارف لزكاة الفطر مجرد كونها تسمى صدقة , فدخلت في العموم , وقد تعقب ذلك شيخ الإسلام – كما في “مجموع الفتاوى”- وخلاصة كلامه: أن الصدقات المذكورة في الآية زكاة المال , واللام فيها لتعريف الصدقة المعهودة التي تقدم ذكرها في قوله: ]وَمِنْهُم مَّن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا[ وهذه إذن صدقات الأموال دون صدقات الأبدان باتفاق المسلمين , ولهذا قال في آيه الفدية: ] فَفِدْيَةٌ مِّن صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ [ ولم تكن هذه الصدقة داخلة في آيه براءة , واتفق الأئمة على أن فدية الأذى لا يجب صرفها في جميع الأصناف الثمانية , وكذلك صدقة التطوع لم تدخل في الآية بإجماع المسلمين , وكذلك سائر المعروف , فإنه قد ثبت في ” الصحيح ” من غير وجه عن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أنه قال: ” كل معروف صدقة ” لا يختص بها الأصناف الثمانية باتفاق المسلمين …
والمقصود بالآية أنه ليس الصدقة لغير هؤلاء , والمقصود تبيين الحل لا تبيين الملك . اهـ ملخصًا .
ومما استدل به شيخ الإسلام حديث ابن عباس ” أن رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – فرض صدقة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث , وطعمة للمساكين … ” الحديث , وقال: ” ولهذا أوجبها الله طعامًا ؛ كما أوجب الكفارة ” وقال: ” وهي تجري مجرى كفارة اليمين , والظهار , والقتل , والجماع في رمضان , ومجرى كفارة الحج , فإن سببها هو البدن ليس هو المال ” ثم قال شيخ الإسلام: ” وعلى هذا القول فلا يجزئ إطعامها إلا لمن يستحق الكفارة , وهم الآخذون لحاجة أنفسهم , فلا يعطى منها المؤلفة , ولا الرقاب , ولا غير ذلك , وهذا القول أقوى في الدليل …” اهـ
ومن ذهب إلى العموم يحمل حديث ” طعمة للمساكين ” على عدم الحصر , ويستدل بحديث إرسال معاذ إلى اليمن , وفيه: ” تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم ” والحديث متفق عليه , مع أن الصدقة لم تنحصر على الفقراء بل تصرف في جميع الأصناف , والذي يظهر لي صحة ما ذهب إليه شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ؛ كما في “الزاد” (2/21) والله أعلم .
( تنبيه ): ذهب أبو حنيفة – رحمه الله – وغيره كما في ” الأموال ” لابن زنجويه (3/1276) إلى جواز دفعها لفقراء أهل الذمة والرهبان , خلافًا لجمهور العلماء , والصواب ما ذهب إليه الجمهور ؛ لأن زكاة المال – وهي الأصل – لا تجوز للكافر لحديث: ” تؤخذ من أغنيائهم , وترد إلى فقرائهم ” أي فقراء المسلمين , ولأن الزكاة حق يجب إخراجه للطهرة , فلم يجز دفعه إلى أهل الذمة كزكاة المال . اهـ من ” الحاوي ” للماوردي (3/ 378) وانظر إنكار أحمد على من أخرجها للمشركين , سواء كانوا أهل ذمة أم لا , في ” الجامع ” للخلال (1/130- 134) .
2021-09-12 13:03:16