سبل المعرفة لطالب العلم
السؤال :
من طلبة العلم أو من العلماء من يُضيق باب الوسائل التي تسهل على طالب العلم سبل المعرفة بدعوى الاتباع وترك الابتداع فما| نصيحتكم؟|ـــــــــــــــ| ما هو ضابط ذلك؟|ــــــــ|ما هما؟ |ــــــــــــــ| يا شيخ الآن هذه المسألة جزاك الله خير كما أشرت أكثر من يلعب فيها إما المغرضون، وكذلك أيضاً العوام ينطلي عليهم فكيف ما هو واجب طالب العلم أو العالم؟ كيف يوصل هذه القضية للعامة يفرق ما بين الوسيلة وما بين الغاية وما بين ما هو تعبدي توقيفي وبين ما يدخله الاجتهاد؟|
الإجابة
فإن أصدق الحديث كتاب وخير الهُدى هُدى محمد صلى الله عليه وسلم، (وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة) نعم كل محدثة بدعة، لكن ما هي هذه المُحدثة التي توصف بأنها بدعة.
البدعة إما تكون في العقائد التوقيفية التي لا مدخل للرأي فيها، و إما أن تكون كذلك في العبادات التوقيفية التي لا مدخل للرأي فيها، فما أحدث فيها أحد هذين البابين، فهو من باب البدع قد يكون بلُغة إضافية، وقد يكون بدعة حقيقية، وقد يكون بدعة صغرى وكبرى على تنوع في ذلك، لكن الوسائل و الأمور التي هي مجال للاجتهاد وللرأي مدخل هذه قد تكون محرمة، وقد تكون مُضرة، وقد تكون مخالفة لنص من النصوص أو مبدأه أصل من أصول الإسلام يعني تنكر لذلك.
ــــــــــــــــــ
أقصد أن هذه قد تنكر لأمر آخر ليس هو أمر الابتداع، أما أمر الابتداع فلا يكون إلا في العبادات التوقيفية التي لا مدخل للرأي فيها أو تكون في العقائد، أيضاً التي لا مدخل للرأي فيها.
أما الأمور التي هي خاضعة للرأي ومنها الوسائل، فهذه لا يُقال عنها بأنها بدعة، ولا يقال عنها أنها سُنة، نعم قد يقال أنها مُستحبة إذا كانت تؤدي إلى أمر مستحب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب إذا كان الواجب لا يقوم إلا بها فهي واجبة، وقد تكون محرمة إذا أدت إلى محرم، أو مكروهة إذا أدت إلى مكروه، أما أن نصف الوسائل بأن هذه وسيلة مبتدعة ومحدثة، و مما يطلق عليه كل ضلالة في النار فهذا ليس صحيح ولا بسديد، بل الوسائل الأصل فيها الإباحة، و إطلاق دون تقييد إلا ما كان فيه كما أشرت سابقًا أنه نخالف نص يؤدي إلى محرم يصطدم بأصل من أصول الدين، فهذه يكون تحريمها أو كراهيتها للأمر الخارج هذا الذي يعرض لها، ونحن في الحقيقة لا نؤيد هذا التأييد، لأنه يضرنا من ناحيتين تضر الدعوة الإسلامية من ناحيتين.
ـــــــــــــــــــــــــ
أولاً: أنه يُحدث الخلاف في أوساطه الدعاة إلى الله، حينما يتخذ مجموعة من الدعاة ومن العلماء، وطلبة العلم وسائل لتقوية الدعوة، ونشر الدعوة، وتحبيب الناس للدعوة أو غير ذلك، فتجد الطرف الآخر ينكر عليه فيصير الاصطدام والتنازع فيما بين هذا وذاك، وهذا لا أحد يقبله ولا أحد يرتضي به.
الأمر الثاني: أننا نفتح مجال لأهل البدع الذين بالفعل يُحدثون بدعًا إما حقيقية، و إما إضافية مما يطلق عليه بالتعريف الشرعي الصحيح أنه بدعة، فإذا أنكرت عليهم قالوا وانتم أيضاً تفعلون البدع، ولماذا تنكرون علينا ولا تنكرون على أنفسكم ما هي البدع التي عندنا، قالوا فلان يقول أن القضية الفلانية الوسيلة الفلانية الشيء الفلاني الذي تعملونه هو بدعة وهذا شهد شاهد من اهلها هذا منكم يا معشر السلفيين منكم يا معشر من تدعون إن أهل السنة وتناصرون السُنة يقول أنها بدعة و أنتم ترتكبونها، إذاً لا تنكرون علينا ولا ننكر عليكم، فالصحيح أن الوقوف عند الاعتدال ولا نغلو، ولا نفرط هذا هو الواجب.
ــــــــــــــــــــ
طبعاً صعب علينا أن نقنع العوام ونعرّفهم كل مسألة أنها من باب التوقيف أو من باب الاجتهاد، لكن بشكل عام المسائل التوقيفية هي ما جاءت مفصلة، ومقصودة لذاتها مفصلة ومقصودة بذاتها كمسائل الصلاة، ومسائل الأذكار، ومسائل العبادات المختلفة، فهذه هي مقصودة لذلك أنا عندما أركع و أسجد أو أسبّح بطريقة معينة أنا يعني أقصد أن أؤجر على ذات العمل الذي أعمله، أما الوسيلة فليست مقصودة لذاتها ليست مقصودة لذاتها و إنما مقصودة، لأنها تؤدي إلى ما فيه الخير و إلى ما فيه النفع و إلى ما فيه الأجر يعني على سبيل المثال الوضوء أمر توقيفي لا يحق لنا أن نزيد فيه، ولا أن ننقص منه، ولا أن نغير في كيفيته، لا أن نغسل ما لم نؤمر بغسله جيد لأنه توقيف هكذا أمرنا، لكن وسائل الوضوء هل نتوضأ من الإناء، أو نتوضأ من صنبور المياه ، أو نتوضأ من النهر مباشرة، أو العين فهذه أمور مطلقة لا يُقال والله إذا كان الإنسان يتوضأ بهذا الشيء المحدث فهو مبتدع، لأن هذه وسيلة الأصل فيها أن تؤدي الغرض كيف ما أدت، ولها حكم ما أدت إليه.
مثلاً الأذان معروف أنه توقيفي وله صيغ معينة، صحيح أنه جاء بعدة صيغ، ولكن في إطار وحدود الصيغ المعينة هذه هو سُنة، فلا يجوز أن نحدث هذا الأذان بطريقة أخرى لا نؤذن تعبداً في غير وقت الأذان، ولا نزيد على الحدود التي شرعها لنا الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا نؤذن لشيء لم يؤمر، أو لم يشرع لنا أن نؤذن له لكن أن نبلّغ هذا الأذان إلى الناس، لا يلزم أن نبلّغهُ بأصواتنا الطبيعية التي لا دخل للمكبرات فيها ولا غير ذلك، بل المقصود هو إبلاغ الصوت المؤذن إلى أقصى أمد بأي وسيلة استطعنا أن نؤدي هذا الصوت إلى الناس، فلنفعل ما لم يكن في هذه الوسيلة علة أخرى من جانب آخر.
2021-11-15 07:31:42