فتوى بشأن دفع الزكاة لتسديد مخالفات ساهر (15)
السؤال :
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق وسيد المرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد. |فقد اطلعت لجنة الفتوى بموقع الفقه الإسلامي على السؤال الوارد إليها برقم (15) وتاريخ 21/1/1432هـ، ونصُّه:|السادة أصحاب الفضيلة أعضاء لجنة الفتوى بموقع الفقه الإسلامي وفقهم الله |السلام عليكم ورحمة الله وبركاته |وردنا السؤال الآتي من الجمعيات الخيرية، ونصُّه:|“يتقدم إلينا بعض الأشخاص من أجل مساعدتهم في تسديد مخالفات “نظام ساهر” المرورية، فهل تعتبر هذه المخالفات من الديون التي يجوز سدادها من الزكاة، أم لا، مع بيان الدليل أو التعليل؟
الإجابة
فإن الله تعالى أوجب الزكاة في كتابه العزيز على المسلمين، ولم يجعل تحديد أصنافها لأحدٍ، حتى حدَّدها سبحانه بنفسه، فقال تعالى: ] إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ [التوبة-60، وفي الحديث الصحيح عن عبيدِ اللَّهِ بنِ عَدِيِّ بْنِ الْخِيَارِ أَنَّ رَجُلَيْنِ حَدَّثَاهُ أَنَّهُمَا أَتَيَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَسْأَلَانِهِ مِنْ الصَّدَقَةِ، فَقَلَّبَ فِيهِمَا الْبَصَرَ، فَرَآهُمَا جَلْدَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنْ شِئْتُمَا أعطيتكما، وَلَا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ، وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ) أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي بسند صحيح، وبناء عليه فإن المتقدِّم للجمعيات الخيرية لأخذ الزكاة ودفعها في تسديد المخالفات المرورية المسجلة في ساهر يجوز له الأخذ من الزكاة إن كان فقيرا، أو غارما لا يجد ما يسُدُّ به دينه، بعد عجزه التام عن السداد، بشرط التوبة والندم، وذلك بأن يظهر على سلوكه وتصرفاته الالتزام بالأنظمة، فلا تعطى الزكاة لمن يعرف بالتهور والرعونة في قيادة المركبة، أو الذي تتكرَّر منه المخالفات، أو المعروف بعدم الالتزام بتلك الأنظمة.
وهذا بناء على ما تقرَّر عند جمهور الفقهاء من كونه يشترط في الغارم ألا يكون دينه بسبب معصية ما لم يتب، قال ابن جرير رحمه الله: “وأما (الغارمون) فالذين استدانوا في غير معصية الله، ثم لم يجدوا قضاء في عين ولا عرض “اهـ. تفسير الطبري 14/317، وقال أبو العباس ابن تيمية رحمه الله: “ولا ينبغي أن يُعطِيَ الزكاةَ لمن لا يستعين بها على طاعة الله، فإن الله تعالى فرضها معونة على طاعته، كمن يحتاج إليها من المؤمنين كالفقراء والغارمين “اهـ. الفتاوي الكبرى 5/373، ونظام المرور ملزِمٌ للكافة، ومخالفته غير جائزة، وعليه فلا يعطى المخالف مادام مُصِرًّا حتى تظهر توبته
كما أشادت اللجنة في الأخير بضرورة إنشاء جمعيات تعاونية أو تكافلية، عائلية أو مهنية أو اجتماعية، لجمع التبرعات للتسديد في مثل هذه الحالات، دون أن نحملها على الزكاة مما يؤدي بدوره إلى حرمان المستحقين لها.
والله تعالى أعلم
2021-09-25 12:07:41