كشف العورة للطبيب؟
السؤال :
هل يجوز كشف العورة للطبيب؟
الإجابة
الحمد لله وكفى، وصلاة وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد:
فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد»
وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله! عورتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال: «احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك» فقال: الرجل يكون مع الرجل؟ قال: «إن استطعت أن لا يراها أحد فافعل»، قلت: والرجل يكون خالياً؟ قال: «فالله أحق أن يستحيا منه» هذان الحديثان يدلان على وجوب حفظ العورات وتحريم إظهارها؛ وذلك صوناً للأعراض.
والناظر في واقع المسلمين يرى تساهلاً كبيراً في هذا الجانب، وخاصة من النساء، وبعض من ضعفت أو فقدت الغيرة من قلوبهم، وخصوصاً في المستشفيات؛ فنرى المرأة تدخل على الطبيب الرجل فتكشف وجهها أو عورتها مع وجود طبيبات متخصصات في طب النساء، وتلك تذهب إلى طبيب الأسنان فتكشف وجهها ويظل الطبيب معها فترة طويلة دون حياء أو خجل مع وجود الطبيبة المتخصصة، بل ربما بعض الرجال يأخذ زوجته إلى طبيب متخصص في الأمراض النسائية، ويترك زوجته تدخل على الطبيب وهو يمكث في الخارج ينتظرها!!
هذا وقد سألني بعض الغيورين على ما يحدث في المستشفيات المختلطة من هذه المفاسد والمخالفات، فكتبت له جواباً وتم نشره في حينه؛ لكني هنا أكتب بشيء من التوسع نظراً لأهمية الموضوع، ولانتشاره وانتشار هذه المخالفات الشرعية، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على جهل بالدين وضعف أو موت للغيرة، فتجد الطبيب يأمر المريضة إن دخلت عليه أن تكشف عن وجهها أولاً قبل أن يعالجها، وإن اشتكت من عضو ما فإنه يكشف قدراً زائداً عن الحاجة، وأشد ذلك ما يحدث في غرف العمليات من كشف لعورات النساء والرجال، فقد تكون العملية في أسفل البطن فيعرى المريض كاملاً، ينظر الطبيب ومعاونوه ذكوراً وإناثاً لعورة المرأة والرجل معاً، وهكذا أثناء الجراحة
ومما يؤسف له ما نراه من امتهان الأطباء الرجال لحقوق مرضاهم ذكوراً وإناثاً، من خلال كشف عورتهم جبراً وقهراً، ولو سألت أحدهم: هل يرضى ذلك لأمه أو أخته أو لزوجته أو لأخيه؟ لقال: إنه لا يرضى ولا يسمح بذلك.
ولعلاج هذه المشكلة يجب أن يتخذ ما يأتي:
على الأطباء معرفة الحكم الشرعي لهذه الأمور كما هو مبين هنا:
1) يحرم على الطبيب النظر إلى عورة المريض إلا إن وجدت الضرورة أو الحاجة التي تتنزل منزلة الضرورة، والمرأة ليست كالرجل، فالمرأة كلها عورة كما صح في الحديث الصحيح.
2) على الطبيب أن يكون متذكّراً لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، وهو حديث معقل بن يسار: «لأن يطعن أحدكم بمخيط في رأسه خير له من أن يمس امرأة لا تحل له»
3) على المرضى النساء ألا يذهبن إلى طبيب (رجل) إلا إذا لم يوجد طبيبة، فإن لم يوجد طبيبة واضطرت المرأة للذهاب للطبيب فعليها ألا تكشف إلا موضع الحاجة وترفض ما سوى ذلك.
4) إن نظر الطبيب إلى عورة المرأة بدون ضرورة فهو آثم، فإن كان برضى من المرأة فهي آثمة مثله، وكذا النظر إلى القدر الزائد عن موضع الحاجة.
5) يحرم على المرأة أن تذهب إلى الطبيب من دون محرم؛ لأن ذهابها من دون محرم يعني الاختلاء بالطبيب، وهو مظنة للوقوع في الفتنة، ووجود المحرم يدفع ذلك؛ لقوله -عليه الصلاة والسـلام: «لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم»
6) يجب أن يدخل ضمن المنهج المقرر على طلاب كليات الطب الأحكام الشرعية المتعلقة بالتعامل مع المرضى.
7) على الجامعات أن تجعل تخصص أمراض النساء والولادة للنساء، وأن تصرف الذكور إلى تخصصات أخرى.
8) على مدراء المستشفيات أن يوجدوا رقابة شرعية في مستشفياتهم تراقب مثل هذه الظواهر وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر.
9) على إدارات المستشفيات أن تغير سياساتها فيما يلبسه المريض الداخل إلى غرفة العمليات أو الراقد في الغرف، فبدلاً من أن تخلع جميع ملابسه الداخلية -ذكراً كان أو أنثى- ويلبس قميصاً مفتوحاً من الخلف ويربط برباط يضمه من الخلف يكون لباسه مكوناً من قطعتين (سروال وقميص)، بحيث يكون متحكماً فيه للكشف على الجزء المقصود معالجته أو إجراء العملية فيه.
10) أن يسمح بدخول مرافق للمريض كما هو معمول به في أرقى المستشفيات العالمية إذ لا مانع يمنع من ذلك.
هذه بعض الكلمات في الواقع والعلاج لظاهرة كشف العورات في المستشفيات.
أسأل الله تعالى أن ينفع بها إنه سميع مجيب.
د. عقيل بن محمد المقطري
2021-09-25 12:07:36