التفل تجاه القبلة
السؤال :
ما حكم التفل أو البزق نحو القبلة؟
الإجابة
ثبت في حديث حذيفة رضي الله عنه ((من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفلته بين عينيه))
رواه أبو داود (3824) وابن خزيمة (3/83) رقم (1363)‘ وابن حبان (4/518) الإحسان‘ ط الرسالة .
هذه الرواية تفيد إطلاق تحريم التفل في الصلاة وخارجها لكن قد جاء ما يقيدها وهو ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه من رواية زر بن حبيش عن حذيفة قال ((من صلى فبزق تجاه القبلة جاءت بزقته يوم القيامة في وجهه))
وهذه الرواية وإن كانت موقوفة من كلام حذيفة رضي الله عنه إلا إنها تقيِّد إطلاق الرواية السابقة فالصحابي أعلم بتفسير ما يرويه من غيره.
وصح عن ابن عمر رضي الله عنه
موقوفا عليه ((يبعث صاحب النخامة في القبلة يوم القيامة وهي في وجهه))
ابن خزيمة (2/278) رقم 1313 وابن حبان (4/517) الإحسان الرسالة وجاءت هذه الرواية مرفوعة مقيدة بالمسجد فروى ابن خزيمة في صحيحه (2/287) رقم (1312) من طريق محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من تنخم في قبلة المسجد بعث وهي في وجهه)) .
وللعلماء في المسألة قولان الأول التحريم والثاني الكراهة.
القائلون بالتحريم مطلقا في المسجد وغيره:
1- الحافظ ابن حجر:
قال في الفتح (1/ 508) ((وهذا التعليل يدل على أن البزاق في القبلة حرام سواء كان في المسجد أو لا ولا سيما من المصلي فلا يجري فيه الخلاف في أن كراهية البزاق في المسجد هل هي للتنزيه أو للتحريم
.
2- العلامة مجمد بن اسماعيل الأمير قال في كتابه: سبل السلام (1/273)
((الحديث نهي عن البصاق إلى القبلة أو جهة اليمين إذا كان العبد في الصلاة‘ وقد ورد النهي مطلقا …))
3- العلامة المحدث الألباني :
قال في سلسلة الأحاديث الصحيحة (1/389) ط المكتب الاسلامي رقم (223)
((وفي الحديث دلالة على تحريم البصاق إلى القبلة مطلقا‘ سواء ذلك في المسجد أو في غيره‘ وعلى المصلي وغيره كما قال الصنعاني في سبل السلام (1/230) قال : ((وقد جزم النووي : بالمنع في كل حالة : داخل الصلاة وخارجها : سواء كان في المسجد أو غيره))‘ ويراجع تمام المنة (ص 60)
ملاحظة:
لكن فهم العلامة الألباني من كلام الصنعاني رحمه أن النووي يحرم التفل جهة القبلة في غير المسجد مطلقا غير دقيق فكلام الصنعاني لا يفيد ذلك وما نقله هو وابن حجر عن النووي إنما هو عن التفل جهة اليمين لا التفل جهة القبلة.
وقد قال النووي بالكراهة في المجموع (4/100) ((… وإن كان في غير المسجد لم يحرم البصاق في الأرض فله أن يبصق عن يساره في ثوبه أو تحت قدمه أو بجنبه وأولاه في ثوبه ويحك بعضه ببعض أو يدعه ويكره أن يبصق عن يمينه أو تلقاء وجهه …))
القائلون بالجواز :
1- الحافظ ابن رجب :
قال في فتح الباري شرح صحيح البخاري (3/327) ط ابن الجوزي
((وإنما يكره البصاق إلى القبلة في الصَّلاة أو في المسجد فأما من بصق إلى القبلة في غير مسجد فلا يكره ذلك وقد سبق ذكره في: باب استقبال القبلة بالغائط والبول))
إلا أن شرحه لهذا الباب مفقود.
2- الإمام البخاري رحمه الله بوب في صحيحه: (باب لا يبصق عن يمينه في الصَّلاة) وهذا من فقهه رحمه الله حيث قيد الحديث المطلق بغيره مما ورد في الباب.
3- الإمام ابن خزيمة فقد بوب في صحيحه (باب ذكر علاقة الباصق في الصَّلاة تلقاء القبلة مجيئه يوم القيامة وتفلته بين عينيه) وبوب كذلك: (باب النهي عن التنخم في قبلة المسجد) وهذا الصنيع منه يدل على أنه حمل المطلق على المقيد كما فعل الإمام البخاري رحمه وهذا هو الفقه الصحيح
والخلاصة أن النهي عن البصاق تجاه القبلة خاص في حال الصلاة لأن الأدلة المطلقة مقيدة بالروايات الأخرى ولأن هذا مما يقع كثيرا خارج الصلاة، وتعظم الحاجة إليه، وفيه مشقة على الناس ولو كان عاما لبينه النبي صلى الله عليه وسلم. والله أعلم.
2021-09-21 10:54:02