مدى صحة قول أن جبريل طار 300 ألف سنة لقياس الجنة
السؤال :
ما مدى صحة حديث يروى عن جبريل عليه السلام أنه طلب الإذن من الله بأن يقوم بقياس عرض الجنة‘ فأعطاه الله الإذن بذلك‘ فانطلق بالطيران في الجنة‘ فطار مدة 300 ألف عام ثم توقف وطلب من الله أن يمده بالعون ليطير 300 ألف عام أخرى‘ فأمدَّه الله سبحانه وتعالى‘ فانطلق جبريل‘ ولما قطع 300 ألف عام توقف‘ وطلب من الله أن يمده ب 300 ألف عام أخرى‘ وهكذا حتى قطع جبريل 900 ألف عام يطير في الجنة‘ ثم توقف فرأى قصرا في الجنة قد أطلت منه إحدى الحوريات‘ فقالت له يا جبرائيل ماذا تفعل؟ قال أريد أن أقيس عرض الجنة‘ قالت: يا جبرائيل لا تتعب نفسك‘ أنت الآن منذ انطلاقتك الأولى تطير في حدود مملكتي‘ قال: ومن أنت؟ قالت : أنا زوجة لأحد المؤمنين
الإجابة
ليس هذا بحديث، ولم يذكر في كتب الحديث ولا التفسير ولا غيرها فيما أعلم؛ وإنما تتناقله بعض كتب الرافضة ومواقعهم، وهي مليئة بالأحاديث المكذوبة والخرافات، فيبدو أن هذه القصة واحدة من افتراءاتهم على الدين.
ويكفينا في وصف الجنة ما جاء في الكتاب والسنة الصحيحة، فقد وصف الله عز وجل عرض الجنة في القرآن الكريم فقال:
((وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)) سورة آل عمران آية (133)
وقال عز وجل: ((سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ)) سورة الحديد آية (21) قال البغوي رحمه الله في تفسيره:} 2/104 {وإنما ذكر العرض على المبالغة ؛ لأن طول كل شيء في الأغلب أكثر من عرضه‘ يقول: هذه صفة عَرْضِها فكيف طُولها ! قال الزهري: إنما وصف عرضها‘ فأما طولُها فلا يعلمه إلا الله‘ وهذا على التمثيل‘ لا أنها كالسموات والأرض لا غير‘ معناه: كعرض السموات السبع والأرضيين السبع عند ظنكم وقد ورد في وصف شجرة من أشجار الجنة أنه عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «إِنَّ فِي الجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لاَ يَقْطَعُهَا» البخاري 4/ 119
فكيف هو شأن الجنة نفسها إذن؟! وصح أيضا أن أدنى أهل الجنة منزلة له فَيَقُولُ)) اذْهَبْ فَادْخُلِ الجَنَّةَ، فَإِنَّ لَكَ مِثْلَ الدُّنْيَا وَعَشَرَةَ أَمْثَالِهَا)) البخاري 8/ 117 وهو فرد واحد فكيف تكون سعة الجنة لجميع أهلها ومن فيها إذن؟! هذا يدلك على أن الجنة من أعظم مخلوقات الله عز وجل.
والخلاصة: أن هذا الخبر مكذوب ولا يجوز تناقله بحال إلا مع تبيين أنه كذب وقد اتفق علماء المسلمين على حرمة الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحرمة رواية الأحاديث المكذوبة ولو كان معناها مقبولا، فالكذب نفسه كبيرة من كبائر الذنوب، فإذا كان كذبا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو أعظم إثما عند الله كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار)} متفق عليه {هذا والله الموفق
2021-09-21 10:54:05