سبب إسلام عمربن الخطاب
السؤال :
ما هي السورة التي كانت سبباً في إسلام عمر بن الخطاب؟
الإجابة
عن أنسٍ رضي اللهُ عنه قال: خرج عمرُ متقلداً بالسيفِ فلقيه رجلٌ من بني زهرة فقال له: أين تغدو يا عمرُ؟ قال: أريدُ أن أقتلَ محمداً قال: وكيف تأمنُ بني هاشم وبني زهرة؟ فقال له عمر: ما أراك إلا قد صبأت وتركت دينك قال: أفلا أدلك على العجب؟! إن أختك وختنك قد صبآ وتركا دينك فمشى عمرُ ذَامِراً أي مُتَهَدِّداً – حتى أتاهما وعندهما رجلٌ من المهاجرين يقال له: خباب – وهو ابن الأرت فلما سمع خبابُ بحسِ عمرَ توارى في البيت فدخل عليهما فقال: ما هذه الهَيْنَمَةُ – أي الصوت الخفي – التي سمعتها عندكم؟ وكانوا يقرأون ”طه” فقالا: ما عدا حديثا تحدثناه بيننا قال: فلعلكما قد صبأتما؟ فقال له ختنه: يا عمر‘ إن كان الحق في غير دينك؟ فوثب عمر على ختنه فوطئه وطأً شديداً: فجاءت أخته لتدفعه عن زوجها فنفخها نفخة بيده فدمى وجهها فقال عمر: أعطوني الكتاب الذي هو عندكم فأقرأه فقالت أخته: إنك رجس وإنه ” لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ” [ الواقعة : 79 ] فقم فتوضأ فقام فتوضأ ثم أخذ الكتاب فقرأ ” طه” حتى انتهى إلى ” إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ” [ طه : 14 ] فقال عمر: دلوني على محمد‘ فلما سمع خباب قول عمر‘ خرج من البيت فقال: أبشر يا عمر‘ فإني أرجو أن تكون دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم لك – ليلة الخميس – ” اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب‘ أو بعمر بن هشام ” قال: ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الدار التي في أصل الصفا‘ فانطلق عمر حتى أتي الدار‘ وعلى الباب حمزة وطلحة في ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم‘ فلما رأى حمزة رضوان الله عليه وَجَلَ القومُ من عمرَ قال: ” نعم فهذا عمر فإن يرد الله بعمر خيرا يسلم ويتبع النبي صلى الله عليه وسلم‘ وإن يرد غير ذلك يكن قتله علينا هيناً ”‘ قال: والنبي صلى الله عليه وسلم داخل يوحى إليه‘ فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عمر‘ فأخذ بمجامع ثوبه وحمائل السيف فقال: ” ما أراك منتهياً يا عمر حتى يُنْزلَ الله بك – يعني من الخزي والنكال – ما أنزل الله بالوليد بن المغيرة‘ اللهم اهد عمر بن الخطاب‘ اللهم أعز الدين بعمر بن الخطاب‘ فقال عمر رضي الله عنه: ” أشهد أنك رسول الله‘ وقال: اخرج يا رسول الله “
رواه ابن الجوزي في ” مناقب عمر ” (ص 15)‘ وابن سعد في ” الطبقات ” (3/267 – 269)‘ والدار قطني في ” السنن ” (1/123)‘ مختصرة‘ والحاكم في ” المستدرك ” (4/59 – 60) من طريق إسحاق بن الأزرق‘ القاسم بن عثمان البصري‘ عن أنس به
وفي سندها القاسم بن عثمان البصري . قال الذهبي في ” الميزان ” (3/375) عند ترجمته: القاسم بن عثمان البصري عن أنس قال البخاري: له أحاديث لا يتابع عليها ورواه ابن إسحاق بلاغا في ” السيرة النبوية ” (1/423 – 426) لابن هشام‘ وبلاغات ابن إسحاق لا يعتمد عليها
وروى قصة إسلام عمر أيضا مختصرٍة الحاكم في ” المستدرك ” (4/59 – 60) فقال: أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان الجلاب‘ ثنا محمد بن أحمد بن الوليد الأنطاكي‘ ثنا إسحاق بن ابراهيم الحنيني‘ ثنا أسامة بن زيد بن أسلم‘ عن أبيه‘ عن عمر قال: لما فتحت له أختي قلت: يا عدوة نفسها‘ أصبوت؟ قالت: ورفع شيئا فقالت: يا ابن الخطاب ؛ ما كنت صانعا فاصنعه‘ فإني قد أسلمت . قال: فدخلت فجلست على السرير فإذا بصحيفة وسط البيت فقلت: ما هذه الصحيفة هنا؟ قالت: دعنا عنك يا ابن الخطاب أنت لا تغتسل من الجنابة‘ ولا تطهر‘ وهذا ” لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ ” [ الواقعة: 79 ] .
وهذا السند فيه أربع علل:
الأولى: محمد بن أحمد الأنطاكي .
قال ابن أبي حاتم في ” الجرح والتعديل ” (2/74) : سئل أبي عنه فقال: شيخ .ا.هـ.
قال الحافظ الذهبي في ” الميزان ” (2/385) عن لفظة ” شيخ ” عندما يطلقها أبو حاتم على الرجل فقوله: هو شيخ‘ ليس هو عبارة جرح‘ ولهذا لم أذكر في كتابنا أحدا ممن قال فيه ذلك‘ ولكنها أيضا ما هي عبارة توثيق‘ وبالاستقراء يلوح لك أنه ليس بحجة ومن ذلك قوله: يكتب حديثه ؛ أي ليس هو بحجة .ا.هـ.
الثانية: إسحاق بن ابراهيم الحنيني
قال أبو حاتم: رأيت أحمد بن صالح لا يرضاه وقال البخاري: في حديثه نظر وقال النسائي: ليس بثقة وقال الذهبي في” الميزان” (1/179) : صاحب أواب.
الثالثة: أسامة بن زيد بن أسلم.
قال الإمام أحمد: منكر الحديث ضعيف وقال يحيى بن معين: أسامة بن زيد بن أسلم‘ وعبد الله بن زيد بن أسلم‘ وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم‘ هؤلاء إخوة‘ وليس حديثهم بشيء جميعا .
الرابعة: الانقطاع بين زيد بن أسلم وعمر
قال البزار (3/169 كشف الأستار) : لا نعلم رواه أحد بهذا الإسناد إلا الحنيني .ا.هـ.
قال الذهبي في التلخيص عن هذه الرواية: قد سقط منه‘ وهو واهٍ منقطع .ا.هـ
وقال الهيثمي في ” المجمع ” (9/65) : رواه البزار وفيه أسامة بن زيد وهو ضعيف .ا.هـ.
وضعف الشيخ مقبل الوادعي في ” تتبع أوهام الحاكم التي سكت عنها الذهبي ” (4/151) هذه الرواية
ورواها أيضا الطبراني في ” المعجم الكبير ” (2/97 رقم 1428) فقال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة‘ ثنا إسحاق بن ابراهيم‘ حدثنا يزيد بن ربيعة‘ ثنا أبو الأشعث‘ عن ثوبان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” اللهم أعز الإسلام بعمر بن الخطاب ”‘ وقد ضرب أخته أول الليل‘ وهي تقرأ: ” اقرأ باسم ربك الذي خلق ” حتى أظن أنه قتلها‘ ثم قام من السحر‘ فسمع صوتها تقرأ: ” اقرأ باسم ربك الذي خلق ” فقال والله ما هذا بشعر‘ ولا همهمة فذهب حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد بلالا على الباب فدفع الباب فقال: بلال من هذا؟ فقال: عمر بن الخطاب‘ فقال: حتى أستأذن لك على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بلال: يا رسول الله عمر بالباب‘ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن يرد الله بعمر خيرا أدخله في الدين‘ فقال لبلال: افتح‘ وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بضبعيه فهزه فقال: ما الذي تريد‘ وما الذي جئت‘ فقال له عمر: اعرض علي الذي تدعو إليه‘ قال: تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمد عبده ورسوله‘ فأسلم عمر مكانه‘ وقال: اخرج
وفي سندها يزيد بن ربيعة الرحبي
قال عنه الذهبي في ” الميزان ” (4/422): قال البخاري: أحاديثه مناكير . وقال أبو حاتم وغيره: ضعيف وقال النسائي: متروك وقال الجوزجاني: أخاف أن تكون أحاديثه موضوعة .
قال الهيثمي في ” المجمع ” (9/62) : وفيه يزيد بن ربيعة الرحبي وهو متروك‘ وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به‘ وبقية رجاله ثقات .ا.هـ.
رواية أخرى في سبب إسلام عمر رضي الله عنه:
قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: خَرَجْتُ أَتَعَرَّضُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ أَنْ أُسْلِمَ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِي إِلَى الْمَسْجِدِ فَقُمْتُ خَلْفَهُ فَاسْتَفْتَحَ سُورَةَ الْحَاقَّةِ‘ فَجَعَلْتُ أَعْجَبُ مِنْ تَأْلِيفِ الْقُرْآنِ قَالَ: فَقُلْتُ: هَذَا وَاللَّهِ شَاعِرٌ كَمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ ، قَالَ: فَقَرَأَ: ” إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ . وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ” [الحاقة: 40 – 41] قَالَ: قُلْتُ : كَاهِنٌ قَالَ:” وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ ” تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ .فَمَا مِنْكُم مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ ” [ الحاقة : 42 – 47 ]‘ إِلَى آخِرِ السُّورَةِ‘ قَالَ: فَوَقَعَ الْإِسْلَامُ فِي قَلْبِي كُلَّ مَوْقِعٍ .
أخرجه الإمام أحمد في ” المسند ” (1/17) بسنده فقال: حَدَّثَنَا أَبُو الْمُغِيرَةِ ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ‘ حَدَّثَنَا شُرَيْحُ بْنُ عُبَيْدٍ قَالَ: قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ به
وسنده ضعيف لانقطاعه بين شريح بن عبيد وعمر بن الخطاب رضي الله عنه
قال الهيثمي في ” المجمع ” (9/62) : رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن شريح بن عبيد لم يدرك عمر .ا.هـ.
وقال الشيخ أحمد شاكر في ” تخريج مسند الإمام أحمد ” (1/201 رقم 107) : إسناده ضعيف لانقطاعه‘ شريح بن عبيد الحمصي: تابعي متأخر‘ لم يدرك عمر .ا.هـ.
وضعف الإسناد بالانقطاع الشيخ شعيب الأرنؤوط في ” تخرج مسند الإمام أحمد ” (1/262 -263 رقم 107) .
هذا والله الموفق
2021-09-26 06:17:47