منع النساء من صلاة العيد
السؤال :
في بعض البلدان يمتنعون من إخراج النساء لصلاة العيد ، فهل أصابوا في ذلك السنة ، أم لا ؟
الإجابة
لا شك أن هذا خلاف ما كان عليه رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – وأصحابه – رضي الله عنهم – فقد جاء في “صحيح البخاري” برقم (324) وفي “صحيح مسلم” برقم (390) – واللفظ له – من حديث أم عطية قالت: ” أَمَرَنَا – تعني النبي e – أن نُخْرِج في العيدين العواتق , وذوات الخدور ، وأمر الحُيَّض أن يعتزلن مصلى المسلمين ”
. وفي رواية: ” كنا نُؤْمَر بالخروج في العيدين ، والمخبأة والبكر ، قالت: والحُيَّض يخرجن ، فيكن خلف الناس ، يكبرن مع الناس ” وفي رواية: ” أَمَرَنَا رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أن نخرجهن في الفطر والأضحى: العواتق , والحُيَّض . وذوات الخدور ، فأما الحُيَّض فيعتزلن الصلاة ، ويشهدن الخير ودعوة المسلمين ، قلت: يا رسول الله ، إحدانا لا يكون لها جلباب ؟ قال: ” لتلبسها أختها من جلبابها ” ، والعواتق: جمع عاتق ، وهي البنت التي بلغت ، وقيل: التي لم تتزوج ، والله أعلم .
وعند البخاري برقم (977) من حديث ابن عباس أن النبي – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – أتى فصلى ، ثم خطب ، ثم أتى النساء ، ومعه بلال فوعظهن وذكَّرهن ، وأمرهن بالصدقة ، فرأيتهن يهوين بأيديهن ، يقذفن في ثوب بلال ، ثم انطلق هو وبلال إلى بيته .
وكان ابن عمر يُخرج من استطاع من أهله في العيد . أخرجه ابن أبي شيبة (5786) وابن المنذر في “الأوسط” (4/262-263/2128) وسنده صحيح ، وجاء عنه أيضًا خلاف ذلك ، وفيه تأمل .
وللعلماء أقوال في خروج النساء: فمنهم من ذهب إلى وجوبه ، وهو ظاهر الأدلة ، وعزاه الصنعاني في “السبل” (2/138) إلى أبي بكر ، وعمر ، وعلي ، ولا أراه صحيحًا عن أبي بكر وعلي ، ويُنظر أين أثر عمر ؟ وهو ظاهر اختيار الصنعاني ، وهو قول من قال بالوجوب العيني لصلاة العيد .
ومنهم من ذهب إلى الاستحباب بدليل قوله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم –: ” ليشهدن الخير ودعوة المسلمين ” وليس ذلك ظاهرًا في صرف الوجوب إلى الاستحباب .
ومنهم من كرهه ، حُكي ذلك عن مالك ، والسنة هي الحاكمة على أقوال الناس ، لا العكس ، إلا أن يُحمل قول من كرهه على ما إذا كان هناك فتنة أو حرج .
ومنهم من رخص للعجائز دون الشواب ، وهو قول أبي حنيفة ، ورواية عن أحمد ، وهذا راجع إلى من كرهه عند الفتنة .
ومنهم من رخص للعجائز وغير ذوات الهيئات – أي ذوات الحسن والجمال – ومن تميل النفس إليهن ، انظر هذه الأقوال في “فتح الباري” لابن رجب (9/39-40 ، 56) ، و”سبل السلام” (2/138-139) .
والراجح: الوجوب إلا إذا كان هناك مظنة الفتنة ، أو تسبب ذلك في الحرج والعنت ، فتصلي المرأة في بيتها صلاة العيد ، كما يصليها المسلمون ، والله أعلم .
(خاتمة): بعض المسلمين لا يخرج نساءه في العيد إما اتباعًا للعادات ، أو بغضًا لمن أحيا هذه السنة من طلاب العلم بعد موتها ، أو حياءً من الناس ، والنصيحة لهؤلاء: أن يتقوا الله ، وأن يعلموا أنهم فقراء إلى الله باتباع السنة ، وإحيائها ، وأن الله غني عنهم ، وعن عبادتهم ، وليحرصوا على أن يكونوا سباقين في الخير ، فالسنة لابد من إحيائها بنا أو بغيرنا ، فلنكن أسوة حسنة لغيرنا ؛ كي نشاركهم في الأجر .
وللأسف أنك ترى أناسًا يُخْرِجون نساءهم في مسائل لا قيمة لها ، كالانتخابات العصرية ، التي أحسن أحوالها أنها لا تسمن ولا تغني من جوع – في كثير من الحالات – ويعدُّون ذلك أصلاً من أصول الدين ، من خالفهم فيه ، رموه بالقبائح , ونبذوه بالألقاب الذميمة – وذلك لجهلهم أو عنادهم – وإذا جاءت شعائر الدين ، التي ثبتت أدلتها في “الصحيحين” وغيرهما ؛ رأيتهم يحقرون من شأنها , بحجة اشتغالهم بما هو أهم ، فوا أسفاه على العقول إذا ضلت ، والأفهام إذا فسدت ، والقلوب إذا حركتها الأهواء والمصالح الفانية , وصدق الله إذا يقول: ]بَلْ كَذَّبُوا بِمَا لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ[ وصدق من قال:
أتانا أن سهلاً ذم جهـلاً
علومًا ليس يدريهن سهل
علومًا لو دراها ما قلاها
ولكن الرضى بالجهل سهل
2021-09-12 13:01:32