هل العمل الخيري نافلة أم فرض؟
السؤال :
يعتقد البعض أن العمل الخيري نافلة ومن عبادات التطوع فهل يندرج العمل الخيري ضمن الأعمال التطوعية أم هو من الواجبات؟
الإجابة
الأصل في العمل الخيري أنه من الأعمال التطوعية وقد يكون في بعض الظروف والأحوال من الواجبات وذلك إذا لم يقم به البعض الذي يسقط الوجوب عن الآخرين قال تعالى (وافعلوا الخير لعلكم تفلحون) وقال النبي عليه الصلاة والسلام كما في حديث أبي هريرة: (السَّاعي على الأرملةِ والمسكينِ‘ كالمُجاهدِ في سبيلِ اللَّهِ‘ أو القائمِ الليلَ والصائمُ النهارِ) رواه البخاري وقضاء الحوائج واصطناع المعروف باب واسع يشمل كل الأمور المعنوية والحسية التي حثنا الإسلام عليها , قال العلامة السعدي رحمه الله: أي ليعن بعضكم بعضاً على البر وهو اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال الظاهرة والباطنة من حقوق الله وحقوق الآدميين.[1]
وإن من نعم الله تعالى على العبد أن يجعله مفتاحا للخير والإحسان , فعَنْ سَهْلِ بن سَعْدٍ، عن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ”عِنْدَ اللَّهِ خَزَائِنُ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، مَفَاتِيحُهَا الرِّجَالُ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَهُ مِفْتَاحًا لِلْخَيْرِ، وَمِغْلاقًا لِلشَّرِّ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَهُ مِفْتَاحًا لِلشَّرِّ، وَمِغْلاقًا لِلْخَيْرِ” .[2]
كما أن من نعم الله على العبد أن يسخره لقضاء حوائج الناس , فعَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” إِنَّ لِلَّهِ أَقْوَامًا اخْتَصَّهُمْ بِالنِّعَمِ لِمَنَافِعِ الْعِبَادِ، وَيُقِرُّهَا فِيهِمْ مَا بَذَلُوهَا، فَإِذَا مَنَعُوهَا نَزَعَهَا عَنْهُمْ وَحَوَّلَهَا إِلَى غَيْرِهِمْ “[3]
ولقد ضرب النبي صلى الله عليه وسلم المثل والنموذج الأعلى في الحرص على الخير والبر والإحسان , وفي سعيه لقضاء حوائج الناس وبخاصة للضعفاء والأيتام ,والأرامل , فلقد أمره الله تعالى بذلك في كتابه الكريم فقال: ” عَنْ ثَابِتٍ‘ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةً كَانَ فِي عَقْلِهَا شَيْءٌ‘ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ‘ إِنَّ لِي إِلَيْكَ حَاجَةً‘ فَقَالَ: يَا أُمَّ فُلاَنٍ‘ انْظُرِي أَيَّ السِّكَكِ شِئْتِ‘ حَتَّى أَقْضِيَ لَكِ حَاجَتَكِ‘ فَخَلاَ مَعَهَا فِي بَعْضِ الطُّرُقِ‘ حَتَّى فَرَغَتْ مِنْ حَاجَتِهَا .[4]
ولا شك أن خير الناس أنفعهم للناس كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (المؤمن يألف و يؤلف‘ و لا خير فيمن لا يألف و لا يؤلف‘ و خير الناس أنفعهم للناس)[5]
وقد يجب العمل الخيري في بعض الأوقات والأماكن وذلك كأن تحدث فاقة أو مجاعة أو حروب أو زلازل أو غير ذلك فيتشرد الناس من ديارهم ويتعرضون للموت فيتقاعس الناس عن مساعدة إخوانهم ففي هذه الحالة يتعين العمل الخيري والإغاثي ويصير من الواجبات والله الموفق.
________________________________________
[1] ـ تفسير السعدي: 218.
[2] ـ أخرجه ابن ماجة (238) والطبرانى (6/150‘ رقم 5812) الألباني (حسن) انظر حديث رقم : 4108 في صحيح الجامع .
[3] ـ أخرجه الطبراني (12/358‘ رقم 13334)‘ وابن عساكر (54/5) . قال الهيثمى (8/192) : رواه الطبراني وضعفه‘ وحسن حديثه ابن عدى. قال الألباني :(حسن لغيره) صحيح الترغيب والترهيب 2/358.
[4] ـ أخرجه أحمد 3/285(14092) و”مسلم” 7/79(6114) و”أبو داود” 4819.
[5] ـ حسنه الألباني في الصحيحة برقم426.
2021-09-25 12:07:35