طلب المرأة لنفسها الرجل الصالح
السؤال :
السلام عليكم يا شيخ هل يجوز للمرأة أن تطلب لنفسها رجلا صالحا يخاف الله فيها وجزاك الله خير؟
الإجابة
عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح جائز ولا يناقض الحياء شريطة أن يكون ذلك الرجل موثوقاً بدينه وخلقه. حَدَّثَنَا مَرْحُومُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ بْنِ مِهْرَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ ثَابِتًا البُنَانِيَّ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَنَسٍ وَعِنْدَهُ ابْنَةٌ لَهُ، قَالَ أَنَسٌ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْرِضُ عَلَيْهِ نَفْسَهَا، قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَلَكَ بِي حَاجَةٌ؟ ”فَقَالَتْ بِنْتُ أَنَسٍ: مَا أَقَلَّ حَيَاءَهَا، وَا سَوْأَتَاهْ وَا سَوْأَتَاهْ، قَالَ: «هِيَ خَيْرٌ مِنْكِ، رَغِبَتْ فِي النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَعَرَضَتْ عَلَيْهِ نَفْسَهَا» البخاري 7/ 13
وقد بوَّب عليه الإمام البخاري بقوله : باب ” عرْض المرأة نفسَها على الرجل الصالح ” .
وقال الحافظ ابن حجر : قال ابن المنيِّر في ” الحاشية ” : من لطائف البخاري أنه لما علم الخصوصية في قصة الواهبة استنبط من الحديث ما لا خصوصية فيه وهو جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح رغبة في صلاحه فيجوز لها ذلك وإذا رغب فيها تزوجها بشرطه ….
وفي الحديثين – أي : حديث سهل وحديث أنس وكلاهما في التي عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم – : جواز عرض المرأة نفسها على الرجل‘ وتعريفه رغبتها فيه‘ أن لا غضاضة عليها في ذلك‘ وأن الذي تعرض المرأة نفسها عليه بالاختيار ـ له أن يقبل أو يرفض ـ‘ لكن لا ينبغي أن يصرح لها بالرد بل يكتفي السكوت . ” فتح الباري” (9 / 175).
وقال العيني: قول أنس لابنته” هي خير منكِ” دليل على جواز عرض المرأة نفسها على الرجل الصالح وتعريفه رغبتها فيه لصلاحه وفضله أو لعلمه وشرفه أو لخصلة من خصال الدين وأنه لا عار عليها في ذلك بل يدل على فضلها وبنت أنس – رضي الله عنه – نظرت إلى ظاهر الصورة ولم تدرك هذا المعنى حتى قال أنس” هي خير منكِ ‘ وأما التي تعرض نفسها على الرجل لأجل غرض من الأغراض الدنيوية فأقبح ما يكون من الأمر وأفضحه.” عمدة القاري شرح صحيح البخاري ” (20 / 113) .
والأفضل للمرأة أن تلمِّح لوليِّها برغبتها بالزواج من الرجل الصالح الموثوق بدينه وخلقه دون التصريح للزوج بذلك ويمكن الاستدلال بما فعلته إحدى المرأتين حين قالت لأبيها – عن موسى عليه السلام – : (قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ) القصص/26‘ قال القرطبي :
قوله تعالى : (قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ) القصص/27 فيه عرض الولي ابنته على الرجل‘ وهذه سنَّة قائمة عرض صالح مدين ابنته على صالح بني إسرائيل‘ وعرض عمر بن الخطاب ابنته حفصة على أبي بكر وعثمان‘ وعرضت الموهوبة نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم‘ فمن الحَسن عرض الرجل وليته‘ والمرأة نفسها على الرجل الصالح اقتداء بالسلف الصالح‘ عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، يُحَدِّثُ: أَنَّ عُمَرَ بْنَ الخَطَّابِ، حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَهِدَ بَدْرًا، تُوُفِّيَ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ عُمَرُ: فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ، فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ، فَقُلْتُ: إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ،)) البخاري 5/ 83 هذا والله الموفق
2021-09-18 08:37:11