وقت احتساب عدة المطلقة طلاقاً رجعياً
السؤال :
س:رجل طلق زوجته وهو بعيد عنها وأرسل ورقة الطلاق إليها مع رسول سلمها إليه ولكن لم تصل هذه الورقة إلا بعد مضي عدة شهور من إنشاء الطلاق فهل يعتبر الطلاق من تاريخ إنشائه أم من تاريخ وصول الورقة إلى الزوجة وعلمها بالطلاق الصادر من زوجها وهل تحسب الأيام التي ما بين إنشاء الطلاق وبين علم الزوجة به من أباح العدة أم تلغي هذه الأيام وتحسب الأيام من يوم علمها فقط ؟|
الإجابة
ج:اعلم بأن الطلاق يقع من يوم إنشائه وينفذ من وقت صدوره من الزوج وأما الأيام التي ما بين إنشاء الطلاق وبين علم الزوجة هل تحسب من أيام العدة أم تلغى فالجواب مبني على مسألة فقهيه مشهورة وهي هل تكون العدة من حال وقوع الطلاق أم من حال العلم بالطلاق والذي ذهب إليه الجمهور من العلماء كالحنفية والشافعية ومالك والقاسم والمؤيد بالله يحيى بن حمزة هو القول بأنها تكون من حال وقوع الطلاق مطلقاً سواء كانت الزوجة عاقلة بالغة أم صغيرة أم مجنونة وقد رجح هذا القول من المتأخرين الإمام شرف الدين والجلال والشوكاني والذي ذهب إليه الأمير الصنعاني في (منحة الغفار) هو أن ابتداء العدة يكون من حال العلم مطلقاً سواء كانت الزوجة عاقلة حائلة أم صغيرة أم مجنونة والذي ذهب إليه علماء الهادوية هو التفصيل بين الزوجات فمن كانت عاقله حائلاً فابتدأ العدة عندهم يكون من حال العلم بالطلاق ومن كانت صغيرة أو مجنونه أو حائلاً فابتدأ العدة يكون من حال وقوع الطلاق ولو قبل العلم والظاهر هو القول الأول وهو أن العدة تكون من حال وقوع الطلاق بلا فرق ومن ادعى التفريق بين الزوجات أو ادعى بأن العدة لا تكون إلا بعد العلم فعليه الدليل وقد قال الشوكاني بأن هذه التفرقه لا يدري قصدها ولا مقتضاها وما استدلو به من أن الله سبحانه ذكر التربص في عده ذوات الاقراء فقال (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) ( ) وأن ذلك يدل على أنها لا بد أن تكون قاصدة الدخول في العدة فتسليم ذلك غايته أن تكون الوفاه من وقت العلم لأن الله سبحانه وتعالى قال فيها (والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجاً يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشراً) ( ) فلم يبق وجه لهذا الفرق بل العدة للحامل والحائل العاقل على السواء والصغيره والمجنونه فلا علم لهما فالعدة فيهما لاحقه بالعدة للعاقل إن كانت من وقت الوقوع كانت لهمامن الوقت الذي يحصل فيه العلم إليهما والحاصل أن هذه التفرقه لا تنبني على شرع مقبول ولا على معقول ولم يرد في الكتاب والسنه ما يدل على أنها لا تعتد إلا من وقت العلم بل ظاهر إطلاقات الكتاب والسنه أن العدة من عند وقوع الموت أو الطلاق وأن تأخير العلم بهما لأن هذه المده التي مضت بعد الوقوع وقبل العلم هي مده من المده المتعقبه لموت الزوج أو طلاقه فمن زعم أنه لا يحتسب بها فعليه الدليل فإن عجز عنه فهي من جملة العدة وليس على المرأه حداد ولا غيره حتى تعلم لأنها لا تكلف بلوازم العدة إلا بعد علمها وإلا كان ذلك من تكليف الغافل وهو مجمع على عدم تكليفه هذا على تقدير أن هذا الحكم تكليفي أعني كون الموت أو الطلاق سببين للعدة فإن كانا وضعيين فالأمر أظهر والحاصل أن العدة من وقت الوقوع على كل حال ولكل معتدة ومن ادعى غير هذا فهو دعوى مجرده لا يعول على مثلها والله الموفق.
2021-08-17 08:53:15