وقت التفريق بين علمي الحديث والفقه
السؤال :
من المعلوم أنه لم يحدث التفريق بين علمي الحديث والفقه في العصر الأول فقد كانت العلوم كلها خادمة للشريعة ودون تميز بين علم وآخر ثم لما تأسست العلوم الإسلامية استقل كل علم بمفرداته عن الآخر ونشأ علم الحديث وعلم الفقه وبدأت ملامح التصنيف والتفضيل بين العلمين تبرز حتى ظهر المتعصبون لهذا العلم أوذاك وبدلا من سيرهما في طريق واحد يخدم الشريعة أصبحا متهاجرين كما قال الإمام الخطابي في معالم السنن فهل يمكن إعطاء نبذة عن مسيرة الاتفاق والافتراق بينهما ؟
الإجابة
الأمر كما ذكرت والسبب في ذلك أن العلوم كانت فطرية سهلة ميسرة لم يدخلها علم الكلام والمنطق الذي عقد العلوم فكان الفقيه محدثا والمحدث فقيها وكان يستفيد بعضهم من بعض وكانت القواعد والفهوم منضبطة إلى حد كبير فكان يحترم بعضهم رأي بعض فمن أخذ بقول هذا لا يعنف عليه المخالف بل إن رد عليه فيكون الرد علميا مؤدبا من غير تعنيف فضلا عن التضليل والتبديع حتى قال سفيان : إني أرى الرجل يأخذ بالقول الذي أراه حراما فلا أنكر عليه . والمقصود إنكار هجر وتبديع لا الإنكار العلمي .
لقد كان الأئمة مالك والشافعي وأحمد وغيرهم محدثون وفقهاء ولما استقل التأصيل لعلمي الفقه والحديث كانا يسيران سيرا متوازيا لكن صار بعد ذلك لكل مذهب أتباع وبرز التعصب وقلت العناية بعلم الحديث بل وظهر من بعض المشتغلين بعلم الحديث انعدام العناية بالفقه وصار الهم هو الاستكثار من الأسانيد فيتفاخرون بأن الحديث الفلاني يروونه من كذا طريق مع العلم أن الأئمة الأربعة كلهم كان ينهى عن التعصب والتقليد الأعمى بل كان الشافعي يستفيد من مالك وأحمد من الشافعي ومن نتائج هذا التعصب أن بعضهم عد الشافعي مالكيا ومنهم من عد أحمد شافعيا ... وهكذا والله أعلم .
2021-12-13 13:57:30