وقت ذبح الأضحية
السؤال :
متى ينتهي وقت ذبح الضحايا؟
الإجابة
اختلف العلماء في ذلك على عدة أقوال:
فقد ذهب أبو حنيفة , ومالك , وأحمد , وغيرهم إلى أن أيام النحر يوم الأضحى ويومان بعده , كما في ” المغنى ” (11/114) .
واستُدِلَّ لذلك بما رواه مالك في ” الموطأ ” ص(365) عن نافع عن ابن عمر أنه كان يقول: ” الأضحى يومان بعد يوم الأضحى ” .
وبسند آخر عند البيهقي (9/297) من طريق نافع , قال: سأل أبو سلمة عبد الله بن عمر – رضي الله عنهما – بعد النحر بيوم , فقال: إني بدا لي أن أضحي , فقال له ابن عمر: ” من شاء فليضح اليوم , ثم غدًا إن شاء الله ” . وسندهما صحيح .
وذكر أحمد أن هذا قول خمسة من الصحابة: عمر , وعلي , وابن عمر , وابن عباس , وأبي هريرة . اهـ لكن الأسانيد إلى هؤلاء لا تصح إلا إلى ابن عمر , والله أعلم .
واستُدِلَّ لهذا القول أيضًا بقوله تعالى: ]لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَام[ الآية . وذكر القرطبي أن هذا جمع قلة , والمتيقن منه الثلاثة , وما بعد الثلاثة غير متيقن , فلا يعمل به. اهـ من ” المفهم ” (5/354) .
قالوا: والتقدير لا يثبت إلا بنص أو اتفاق , وقد اتفقوا على يومين بعد الأضحى. اهـ من ” الزاد “(2/291).
وأجيب عليه بأن ابن سيرين لم يجعل الأضحى إلا في يوم الأضحى فقط , لإضافة النحر إليه دون غيره, فلم يقع الاتفاق على اليومين أيضًا .
وذهب الشافعي وجماعة إلى أن أيام الأضحى تمتد إلى نهاية أيام التشريق , وتنتهي بغروب شمس يوم الثالث عشر من ذي الحجة ، كما في ” المغني ” (11/114) وغيره .
واسْتُدِلَّ لذلك بحديث جبير بن مطعم , قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم –: ” كل عرفات موقف , وارفعوا عن عُرَنَةَ , وكل مزدلفة موقف , وارفعوا عن مُحَسِّر , وكل فجاج منى منحر , وفي كل أيام التشريق ذبح ” أخرجه أحمد (4/82) والحديث صحيح بدون زيادة: ” وفي كل أيام التشريق ذبح ” فإنها زيادة ضعيفة, وقد ضعفها جماعة من علماء الحديث .
وقد قال بهذا القول شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله – كما في ” الاختيارات ” ص(120) وقال به تلميذه ابن القيم – رحمه الله – وانظر ” زاد المعاد ” (2/292) وقال به شيخنا ابن عثيمين – حفظه الله – كما في ” الشرح الممتع ” (7/496, 499-500) .
وما استُدِلَّ به لابن سيرين بأن إضافة النحر إلى يوم النحر دليل على حصر النحر فيه , يرد عليه قوله تعالى: ]وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ [.
وذهب بعضهم إلى أن الضحايا إلى آخر شهر ذي الحجة .
واستدل لذلك بحديث في ” مراسيل أبي داود ” برقم (377) وفيه ضعف مع إرساله. وهناك أثر أبي أمامة سهل بن حنيف قال: ” كان المسلمون لَيشتري أحدهم الأضحية ، فيسمنها , فيذبحها بعد الأضحى آخر ذي الحجة ” أخرجه البيهقي (9/297-298) وسنده صحيح , لكن عده أحمد حديثًا عجيبًا , ولعل ذلك محمول على قوله: ” فيذبحها بعد الأضحى آخر ذي الحجة ” وعده البيهقي رواية عمن لم يُسَمَّ .
والذي تطمئن إليه النفس: قول الجمهور الذي يشهد له قول صحابي – لا أعلم له مخالفًا – ويليه في القوة قول الشافعي , ولا أجزم بعدم صحة التضحية في يوم الثالث عشر من ذي الحجة , والله تعالى أعلم .
2021-09-12 13:01:30