أحكام زكاة الفطر
السؤال :
ما هي بعض أحكام زكاة الفطر؟
الإجابة
فإن زكاة الفطر من رمضان وهي صدقة واجبة باتفاق على كل مسلم سواء كان صغيراً أو كبيراً ذكراً أو أنثى، حُراً أو عبدًا فكل مسلم يجب عليه هذه الزكاة بشرائط كما سيأتي، وقد استدل أهل العلم على وجوبها بدلائل الكتاب والسُنة من ذلك قوله جل وعلا "قَدْ أَفْلَحَ مَن تَزَكى(14) وَذَكَرَ اسْمَ ربه فصلى (15) " [ سورة الأعلى : 14 إلى 15 ]و أما السُنة فأحاديث كثيرة ثبتت عن النبي صلى الله عليه وسلم منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما قوله:" فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين حُر أو عبد، أو رجل أو امرأة، صغير أو كبير"، فلذلك أجمع أهل العلم على وجوب زكاة الفطر، ولذلك من أسمائها زكاة البدن تمييزاً لها عن زكاة المال لذلك بينها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين، فزكاة الفطر من أعظم حكمها أنها جابرة للخلل يقع في الصيام، فهذه الحكمة تتعلق بمن يجب عليه الصوم أنها جابرة للخلل، زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، و هذا من فضل الله جل وعلا أي شرع لنا كما شرع لنا أصل العبادة شرع لنا ما يحافظ على كمالها وتمامها، وجبر النقص والخلل الحاصل فيها، والمعنى الثاني الذي أشار إليه النبي صلى الله عليه وسلم من الحكمة فيها هو كونها طهرة طعمة للمساكين أي أن زكاة الفطر شرعها الله عز وجل مواساة للفقراء في يوم فرحهم وسرورهم فيشارك الأغنياء فلا يحتاجون إلى الطعام فقد كفوهم الأغنياء ذلك، ولذلك فضلها عظيم فضل الصدقات، فالصدقة لها فضل عظيم مطلقاً وهي من جهة أخرى أنها متعلقة الفطر من رمضان فيعني أن لها أجر أعظم و أكبر، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم أشار إلى أن من اداها قبل الصلاة فهي صدقة مقبولة، ومن اداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات.
نذكر بعضًا من شرائطها أو شرائط وجوبها من ذلك الإسلام فهي تجب على كل مسلم كما مر معنا في حديث ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال :"فرض النبي صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر من رمضان على كل نفس من المسلمين" فكل مسلم صغيرًا أو كبيرًا، ذكر أو أنثى يجب عليه إذا كان قادرًا أن يخرج زكاة الفطر، فهذا الشرط الأول.
والشرط الثاني الغنى ومعنى الغنى لا يعني ولذلك هذا من الأمور المهمة جداً التي يفرق بها بين زكاة الأموال، وزكاة الفطر وهو زكاة البدن، فزكاة المال له نصاب هذه زكاة المال لها أنصبة فمن لم يبلغ ماله نصاباً فلا زكاة عليه، لكن زكاة الفطر ليس عليها نصاب، بل المقصود أن الإنسان إذا كان عنده قدر زائد أي صاع زائد على طعامه يوم العيد وليلته وحوائجه الأصلية يجب عليه إخراج هذا الصاع إذا لا يتعلق بالغنى أي النصاب بل المقصود إذا كان عنده طعام يكفيه ليوم العيد وليلته زائداً عن حاجته يجب عليه زكاة الفطر، فلذلك ينذر أن الشخص لا يستطيع أن يؤدي زكاة الفطر، ولذلك ربما تجد أنَّ بعض الناس ليس عنده مال، ولكن أعطوه الناس وأعطوه حتى أصبح عنده شيئًا زائدًا عن قوت يومه وليلته فهل تجب عليه مما أعطاه الناس؟
نعم، يجب عليه لأن هذا أصبح في ملكه، و أصبح مالكًا له فيخرج مما أعطاه الناس من ذلك، أيضاً من شرائط وجوبها أو شرط وجوبها دخول وقت الوجوب فتجب زكاة الفطر بغروب شمس ليلة العيد يعني آخر يوم من رمضان، فإذا غربت شمس ذلك اليوم على المسلم سواء كان كبيرًا أو صغيراً، ذكرًا أو أنثى يجب اخراج زكاة الفطر عنه، و إذا مات قبل الغروب فلا زكاة عليه كما أنه لو ولد لشخص مولود بعد غروب الشمس فلا زكاة عليه، لأن هذا يتعلق بالفطر من رمضان وهو لم يدرك ذلك لم يدرك وقت الوجوب، وهو وقت غروب الشمس، فإذاً ينبغي التنبه إلى أن الإنسان إذا كان موجوداً في حال الغروب، فيجب عليه إخراج الزكاة عنه، فوقت الخروج وقت إخراج الزكاة متى؟ وقت اخراجها هناك وقت فاضل وهو الأفضل والاكمل كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم ،وهو قبل خروج الناس إلى صلاة العيد، فالنبي صلى الله عليه وسلم أمر بها أي أمر بإخراج زكاة الفطر عند خروج الناس إلى صلاة العيد كما في الحديث الصحيح عن ابن عمر رضي الله عنهما فزكاة الفطر أفضل أوقاتها قبل الخروج، ويجوز اخراجها بعد غروب الشمس هذا وقت وجوبها لا شك، بل هل يجوز تقديمها على غروب شمس العيد أي في رمضان ذهب أهل العلم إلى أنه يجوز اخراجها في رمضان كله يعني ممكن أن يخرجه الإنسان في رمضان كله ما دام أنه أدرك رمضان، فيجوز أن يخرجها قبل وقت وجوبها لوجود سببها، والسبب هو رمضان فهذا ذهب إليه جمع من أهل العلم، ولكن الذي ثبت عن الصحابة رضوان الله تعالى عليهم أنه يجوز تقديمها ليوم أو يومين كما ثبت في الصحيح، أيضاً من حديث ابن عمر رضي الله تعالى عنهما فلو احتاط الإنسان فقد فلم يقدمها أكثر من ذلك فهو لا شك الأفضل والاكمل، ويخرج من خلاف من لا يرى تقديمها أكثر من يوم أو يومين، ثم بعد ذلك لو أنه اخرجها لم يخرجها حتى صلى الناس العيد هل يجوز ذلك أم لا؟ أولاً: كونه يجب عليه نعم أنه يخرج، لكن هل تجوز؟ هل يجوز ذلك أم لا عن صدقة الفطر هل يعتبر مؤدياً لها أم قاضياً لها ؟ فذهب بعض أهل العلم أنَّ يوم العيد كله وقت لإخراج زكاة العيد لزكاة الفطر، وذهب بعضهم إلى أنه لا إن اخراجها بعد الصلاة صدقة من الصدقات وليست الصدقة المقبولة التي يترتب عليها أثر من كونها طهرة للصائم من اللغو والرفث، فهذا المعنى فاته وإن كان يجب عليه إخراجها، فلذلك ينبغي للإنسان أن يُبادر والسبب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :"من أداها قبل الصلاة؛ فهي صدقة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات" فدلَّ هذا الحديث على أنَّ إخراجها قبل الصلاة واجب كما ذهب إليه جمع من أهل العلم، و أنَّ تأخيرها لا يجوز إلا لعذر، أيضاً من المسائل التي يسأل الناس عنها كثيراً وهم مقدار زكاة الفطر ما هو القدر الواجب في إخراج زكاة الفطر عن كل مسلم الواجب إخراج صاع، وهذا الصاع هو الصاع النبوي والصاع النبوي أربعة أمداد، أربعة أمداد وهي ملء يدي أو كفي الشخص المعتدل إذا مد يديه فإذا ملأ ذلك أربعة أمداد يكون الصاع، والصاع يعرف بالمكيال كما هو معلوم، ولكن الناس اليوم أصبحوا يسألون عن قدره بالكيلو لأنها هي المستعملة أي بالجرامات، فالذي أحوط في قول من أقوال أهل العلم في تقدير الطعام أن يكون نحو ثلاث كيلو فإذا أخرج ثلاثة كيلو عن كل واحد، فهذا الذي يجب عليه كل واحد يخرج عن نفسه ثلاثة كيلو هنا لا فرق بين الكبير والصغير، والذكر و الأنثى لا فرق من يخرج عنه بهذا القدر ما هو نوع الطعام المخرج عنه؟
نوع الطعام الذي جاء في الحديث أنه كما جاء في حديث ابن عمر ذكر وغيره حديث أبي سعيد ذكر أربعة أنواع: التمر والشعير الطعام تمر وشعير واقط وزبيب، وهكذا كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أكثر هذه الأطعمة الموجودة في زمنهم فلذلك ذكرت ولذلك استنبط أهل العلم إلى أن المقصود هو إخراج غالب الطعام فلعلكم تلاحظون اليوم أنَّ غالب طعام الناس اليوم الأرز والبر وهو غير موجود في الحديث، وإن كان وجد بعد ذلك البر في عهد الصحابة رضوان الله تعالى عنهم، ولكن لم يكن هذا هو في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك للإنسان أن يخرج من طعام بلده سواء كان مثلاً ذرة إن كان طعام البلد ذرة أو برا أو رزاً وهو كثير فإخراجه من هذه الأنواع التي اعتاد الناس الأكل منها يجزئ ان شاء الله يجزي هذا بالنسبة لإخراج زكاة الفطر هل وهذا يسأل كثير.
هل يجوز إخراج زكاة الفطر من القيمة يعني بدل أن يعطي طعاماً يعطي نقداً، وهذا اختاره بعض الفقهاء من والمتأخرين ويرى بعضهم أنَّ تعليله أنَّ حاجة الفقير إلى المال أو إلى النقد أعظم من حاجته إلى الطعام، وهذا ربما صحيح في بعض البلدان، لكن ليس هذا أمراً مستمرًا في كل حال هذا من جهة التعليل، و أما من جهة الوقوف على الدليل وهو الذي عليه أكثر الفقهاء هو أنه لا يجزئ إلا الطعام لا يجزئ إلا الطعام لماذا؟ لأنه هو الذي جاء النص عليه فكوننا نعطي الفقير طعامًا هذا الواجب علينا، وهو أيضاً هو الذي يبرئ الذمة لأنَّ من قال أنَّ القيمة ستجزي لا يرى أن الطعام من باب أولى، ولكن الذي لا يرى أن القيمة تجزي يرى أنه إذا لم يخرج الطعام فإنه لم يؤدي الواجب ولذلك الاحتياط للمسلم أنه يخرج ذلك طعامًا أن يخرج طعاماً هذا هو الأولى والله أعلم، والمسألة بلا شك من مسائل الاجتهاد التي يسوغ فيها الخلاف وربما يختار بعض فقهاء بلد على أنَّ القيمة هي أولى، فالمسألة محتملة لأنها من مسائل الاجتهاد والله أعلم.
أما بالنسبة زكاة الفطر لمن تعطى؟ ذهب بعض أهل العلم إلى أنَّ الذين يعطى صدقة الفطر هو عموم المنصوص عليهم في زكاة الأموال أي الأصناف الثمانية بقوله " إِنَّمَا الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ والغارمين وَفِى سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ۖ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ"
[ سورة التوبة : 60 ] هؤلاء الأصناف الثمانية هم أهل الصدقة أي صدقة الفطر، وهذا ذهب إليه جمع من العلماء، ولكن هناك قول آخر فيه قوة يسرده الدليل وهو أن زكاة الفطر ليست كزكاة المال ليس حكمها واحد بل هي تختص بالمساكين أي بصنف واحد من هؤلاء الأصناف الثمانية الفقراء والمساكين، وليس كل الأصناف الثمانية أي بالصنفين الفقراء والمساكين وهذا القول قوته بماذا قوته من قوله صلى الله عليه وسلم أي لأن في زكاة الفطر قال (طعمة للمساكين) فإن المقصود بها إغناء الفقراء والمساكين وهؤلاء الذين يعطون لأنفسهم، و أما بقية الاصناف إنما يعطون لسبب آخر ليس لسبب حاجتهم وفقرهم، ولذلك يجوز اخراجها للفقراء والمساكين كما أنه يجوز أن يقسم الصاع الواحد على عدة مساكين والعكس؛ بمعنى أن يعطى زكاة مثلاً عدة أصع لشخص واحد يجوز هذا وهذا اي يجوز اعطاها لمسكين أو أكثر والله أعلم، أيضاً من المسائل التي تتعلق بزكاة الفطر وهو أن المسلم يجب عليه أن يزكي على نفسه وعلى من تجب عليه نفقته أي ممن تجب عليه نفقته، فمن تجب عليه نفقته من أولاد أو زوجة أو قريب فهؤلاء يجب عليه أن يزكي عنهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن ذلك كما أنَّ زكاة الفطر على من ينفق عليه على من تؤمنون بمعنى من تعطون أو تنفقون عليهم من تمونون أي كما جاء في سُنن الدار قطني وغيره يجب إخراجها، أيضاً عن الإنسان عن نفسه، ولكن يبدأ لا شك بالأولى، فالأولى بمعنى يجب عليه أولاً إذا كان لم يكن عنده القدر كافي يبدأ الاخراج عن نفسه، ثم عن زوجه، ثم عن ولده.
2021-12-15 13:43:13