أكل تمر قبل صلاة العيد
السؤال :
هل يجب على من أراد أن يذهب إلى المصلَّى أن يأكل تمرات وترًا قبل ذهابه لصلاة العيد , أم لا ؟
الإجابة
ليس الأكل بواجب ، إنما يستحب أن يأكل قبل غدوه إلى المصلى في عيد الفطر ، ويمسك حتى يرجع من صلاة الأضحى ؛ ليأكل من أضحيته ، وقد أخرج البخاري في “صحيحه” برقم (953) حديث أنس , قال: ” كان رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ”
وهناك أثر صحيح عن ابن عباس أنه قال: ” إن استطعتم أن لا يغدو أحدكم يوم الفطر حتى يطعم ؛ فليفعل…” أخرجه عبدالرزاق في “مصنفه” (5734) وابن المنذر في “الأوسط” (4/254/2111) مختصرًا .
ومن حديث بريدة أنه قال: ” كان رسول الله – صلى الله عليه وعلى آله وسلم – لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم ، ولا يطعم يوم الأضحى ، حتى يصلي ” أخرجه الترمذي (542) وابن ماجه (1756) وغيرهما بسند ضعيف من أجل ثواب بن عتبة المهري ، إلا أنه قد توبع من عقبة بن عبدالله الرفاعي عند الدارمي (1/375) وأحمد (5/352) وغيرهما .
وقد رويت أحاديث وآثار في هذا المعنى تقوي حديث بريدة ، حتى ادعى ابن رشد في “بداية المجتهد” (1/514) الإجماع على استحباب الأكل في الفطر قبل الغدو إلى المصلى ، بخلاف الأضحى ، فإنه يستحب أن لا يفطر إلا بعد الانصراف من الصلاة ، ويرد على ذلك أن ابن عمر قد صح عنه أنه كان لا يأكل يوم الفطر . وفي رواية: ” حتى يغدو ” . أخرجه عبدالرزاق (3/307/5740) وابن أبي شيبة (1/486/5602) وذكر ابن عبدالبر في “الاستذكار” (7/37) أن مالكًا خير في الأكل قبل الغدو للأضحى ، بخلاف الفطر ، ونسب القول بالاستحباب للأكثر ابن المنذر في “الأوسط” (4/254) والمقدسي في “المغني” (2/229) وابن رجب في “فتح الباري” (8/442) .
ومن جهة الأكل وترًا ، فقد روي ذلك في حديث أنس: ” أن رسول الله e ما خرج يوم الفطر حتى يأكل تمرات ثلاثًا , أو خمسًا , أو سبعًا ” . أخرجه ابن حبان (2814) والحاكم (1/294) بزيادة ، وكذا رواه غيرهما .
وعندي: أن الراجح في الحديث عدم ذكر الإيتار ، فهكذا رواه هشيم بن بشير الثقة الثبت عن عبيدالله بن أبي بكر بن أنس ، خلافًا لمن تكلم فيهم ، فرووا الإيتار , وقد أخرج الحديث البخاري في “صحيحه” برقم (953) بدون ذكر الإيتار ، ولعل ذلك لهذه العلة ، ومن راعى الوترية في ذلك كما في هديه -عليه السلام- من الإيتار في عدة مواضع تبركًا بذلك ؛ فلا بأس ، دون اعتقاد السنية – لاسيما مع ما في الحديث من نظر – ودون إنكار على المخالف ، والله أعلم .
وقد ذكر العلماء عدة علل في تفرقة السنة بين الفطر والأضحى في الأكل والإمساك ، فمن ذلك:
1- أن الأكل قبل الفطر فيه مبادرة إلى الفطر يوم العيد ، لتظهر مخالفته لرمضان ، ولو كان لغير الامتثال لأكل قدر الشبع .
2- لما كانت صدقة الفطر تخرج قبل الصلاة , اسْتُحِبَّ الأكل قبل صلاة الفطر ، ولما كانت الأضحية بعد الأضحى , اسْتُحِبَّ الإمساك حتى يأكل منها انظر “فتح الباري” لابن رجب (8/441) وما بعدها ، وللحافظ (2/447) وغيرهما .
والسنة في ذلك التمر ؛ لما في الحلو من تقوية البصر الذي يضعفه الصوم ، ولأن الحلو مما يوافق الإيمان ، ويُعَبَّر به المنام ، ويرق به القلب ، وهو أيسر من غيره ، هذا في حق من يقدر على التمر ، وإلا فينبغي أن يفطر على الحلو مطلقًا كالعسل ، وإلا فالماء للاتباع ، قاله الحافظ في
“الفتح” (2/447) والأمر في ذلك واسع ، والعلم عند الله تعالى .
2021-09-12 13:01:32