الرسائل الغير مدعمة بأدلة
السؤال :
تأتينا عشرات الرسائل التي تذكر أعمالًا صالحة وترتب على فعلها ثوابًا، أو عقاب على تركها أو نحو ذلك، وتلك الرسائل ليست مدعمة بأدلة أو مصادر وصياغتها فيها غرابة وركاكة فما توجيه فضيلتكم؟|ــــــــــ| يا شيخ مثل هذه الرسائل يتوقع أن تكون أيضاً وسيلة من وسائل الحرب يصنعها الأعداء غير المسلمين؟.
الإجابة
الحقيقة هذه المسألة لو تسمح لي أعطيها نوع من التوسع فيها بعض الشيء وهي أنه في الحقيقة هذه الوسائل التي
أُتيحت لنا ومنّ الله بها علينا وأصبحنا نستعملها، ومن خلالها يكثر تواصلنا و اطلاعنا على ما عند الآخرين، ويكثر أن نفيد ونستفيد من خلالها بالرسائل أن نقرأ حينًا، ونكتب حينًا ونوصل ما نريد من حين لآخر إلا أنه قد صاحب ذلك أمور، فمن تلك الأمور الإشاعات كانت الإشاعة تتناقل عبر الكلام الشفهي يسمعها واحد، ثم ينقلها إلى مجلس آخر و الآخر ينقلها إلى مجلس آخر تناقل، فتكون بطيئة ولا تصير إلا إلى عدد قليل، اليوم تخرج الإشاعة في في موقع من المواقع، و إذا بها تنتشر في عشرات، أو مئات المواقع وتصل إلى الآفاق إلى مشارق الأرض ومغاربها، أقول فهذه واحدة من المشاكل التي ترتبت على وجود هذه الوسائل.
الأمر الثاني تمرير هذه الإشاعات يعني أحد يخترع الإشاعة و آخر يُبادر أو آخرون كثر يتناولون هذه الإشاعة، ثم يشيعونها دون أن يتثبتوا من صحتها دون أن يتثبتوا من مقصدها هل يُراد بها الإصلاح، أم يُراد بها الإفساد هل يعني نشرها يضر أو ينفع هذه مسألة ثانية، ينبغي أن ينتبه لها فلا يجوز أن نخترع الإشاعات، ولا يجوز أن نُساهم في نشرها ولا يجوز أن نبني عليها أحكام ، قد تشارك إشاعة عليك مثلاً ويُقال محمد فيه وفيه فتجد أني أصدق وأبدأ أشحن صدري عليك، أو أتحدث عنك والله يا أخي هذا قرأت عنه أنه سارق، قد قرأت عنه أنه ظالم، قد قرأت عنه أنه كاذب و هكذا، هذا لا يجوز حرام وهذا الذي جاء النص القرآن { يٰٓأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌۢ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًۢا بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا على مَا فَعَلْتُمْ نادِمِينَ }
[ سورة الحجرات : 6 ] كذلك تناقل الأخبار هذه من حدّث بحديث وهو يرى أنه كذب، فهو أحد الكاذبين، فلا يجوز أن يُشارك في شيء إلا وهو يعلم أنه صحيح من جهة و أنه نافع من جهة أخرى.
الشيء الثاني من العلل التي صاحبت هذه الوسائل إن عدنا إلى نشر الأحاديث الضعيف والموضوعة والتي لا أصل لها فيما ينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، كانوا الحمد لله بعد هذه الصحوة المباركة، وانتشار العلم، وانتشار علم الحديث، وانتشار السؤال عن الأحاديث هو صحيح أم هو ضعيف أم هو موضوع، خف نقل التحدث عن الأحاديث الموضوعة و الضعيفة، و يصبح الناس يتحرزون كثيراً الواعظ يتحرز فلا يأتي إلا بالأحاديث التي يعتقد صحتها الكاتب أيضاً يتحرز وهكذا اليوم، للأسف الشديد عدنا إلى ما قبل الصحوة إلى ما قبل ثلاثين أربعين سنة مما كان عليه الناس، فتجدنا لا نبالي وقد جاء حديث وفيه فضائل كذا وكذا إلى آخره، وفي النهاية يكون هذا الحديث ضعيف لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، فنتناقل شيء قد نصبح نحن من جملة الكاذبين على الرسول صلى الله عليه وسلم.
القضية الثالثة وهي انتشار الخرافات مثل ما ذكر في السؤال أن الحاجة الفلانية، الوضع الفلاني، الشيء الفلاني من فعله فله كذا من الأجر ومن تركه فله كذا وكذا وإياك أن تتركه أسألك بالله وبين يدي الله أحاسبك عليها يوم القيامة أن ترسلها، لما يا أخي ،إذا تثبت بأنها صحيحة فأرسلها، ومن تطوع و أراد أن يشاركك في الأجر ينشرها، ومن بخل على نفسه فلا يضرك ستجد آخر نشيط وسينشرها، أما بهذه الصورة وبهذا الإحراج، فلا يجوز إذا، بعد ذلك يأتي أحياناً من يكذب أن هذه القصة، هذه الموعظة، هذا العمل الصالح وهذه الرسالة نشرها المرسلون، تساهلت أمورهم و آخرون حبسوها عندهم فأصيبوا بالمرض و كذا و كذا، لما هذا الكذب؟، فهناك في الحقيقة أمور كثيرة يجب علينا أن نتنبه لها و لا يجوز أن نُجاري المتساهلين أو المندسين و للأسف الشديد عند ضعف الأمة، وعند تتابع الهزائم على الأمة تنفتح هذه الأبواب أبواب الخرافات، و أبواب رجاء الخوارج أن تأتي من السماء والنصر يأتي يسقط علينا من السماء سقوطًا دون أن نعد له، ولا أن نفعل أسبابه وهكذا هذا أمر لا يجوز.
ــــــــــــــــــــــ
نعم وهذه حاصلة أن شبهات معينة أو إشاعات معينة، أو مفاهيم مغلوطة، يريد الأعداء أن يشغلوا الناس بها ويصرفوهم عن التفكير فيما ينفعهم بجد، وينشروها فينشغل بها الناس دون أن يحققوا شيئًا من النفع، فهذا أيضاً من جملة ما يحذر منه.
2021-11-15 07:31:42