اللحمة الشافية
السؤال :
فتوى حول ما يُسمّى باللحمة الشافية
الإجابة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
فقد كَثُر السؤال حول (الفطر) المنتشر بين الناس والذي يُسمى (اللحمة الشافية)؛وهذا الفطر أو اللحمة كما يُسمونه أمرُه غريب و مريب في نفس الأمر, حيث لم يعرَف المصدر الحقيقي له رغم تأكيد المختصين أنه لا وجود له في اليمن قبل ظهوره المفاجئ هذه الأيام.
وقد وفَّقَ الله أن ألتقي بامرأة باحثة تُعد بحثاً أو تقريراً صحفياً عن هذه (اللحمة)؛ حيث جاءت تسأل عن حكم الشرع في هذا الفطر، وقد أفادتني بالآتي:
1) أحضرت الفطر إليّ وأرتني إياه.
2) أرتني الإناء الذي عمل فيه وبقية الماء الذي وضع فيه؛ وهو ماء متغير فيه رائحة بين رائحة الخل ورائحة الخمر.
3) أفادت أن بعض الأخصائيين الصحيين أجروا عليه فحوصاً فوجدوا فيه نوعين من البكتيريا أحدهما نافع والآخر ضار.
4) أفادت كما أفاد غيرها أن أصل انتشاره مرتبط بأمر يؤدي إلى الاعتقاد فيه اعتقاد غير صحيح، حيث يربطونه بدلالة رؤيا أو ما يشبهها؛ مما يجعل ذلك الفطر وكأنه من الكرامات أو الخوارق التي تعطيها قداسة,وترسّخ الاعتقاد فيها, تحمل على التبرك بها, أو جعل الشفاء فيها شفاء غير طبيعي وإنما وهبي أو ما أشبه ذلك.
5) كما أفادت أن هناك من استفاد وشفي من مرضه في الوقت الحاضر بعد استعمال ذلك الفطر، و لا يدري ما هي العواقب حيث لم يحصل ذلك إلا في وقت قريب لا يمكن الجزم بنجاح العلاج أو ضمان الشفاء، وهناك من مات بعد تناوله.
6) وأفادت كما أفاد غيرها أن طريقة تحضير هذا الفطر أن تؤخذ قطعة منه فتوضع في إناء محكم، ويضاف إليه شيء من الماء والسكر والشاي، ثم يترك لمدة أسبوع على الأقل وهو في الإناء المحكم، ثم يفتح ويشرب الماء الذي وضع عليه بعد أن يتغير لونه وريحه كما سبق.
وعلى ضوء هذه المعلومات أقول وبالله التوفيق:
إن الكلام عن حكم استعمال هذا الفطر يكون من ثلاثة أوجه:
الوجه الأول : الناحية الاعتقادية، فكما سبق هناك إيحاء بأن المتناولين له لهم فيه نوع اعتقاد مبني على طريقة اكتشافه، وهذا أمر محرم حيث يخالف التوكل على الله تعالى، ويلفت القلب إلى غيره وقد قال صلى الله عليه وسلم: (من تَعَلَّقَ شيئا وُكِلَ إليه) ([1]),كما أن هناك هجمة شرسة لزعزعة عقيدة المسلمين بوسائل شتى، ولا يستبعد أن يكون هذا منها.
الوجه الثاني لا يجوز استعمال هذا الفطر والماء الذي ينبذ فيه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن شرب النبيذ بعد ثلاثة أيام، حتى و لو لم يظهر عليه آثار التخمر، فكيف بهذا النبيذ الذي تغير وظهرت فيه رائحة الخمر؟ وسواء أسكر أو لم يسكر فهو حرام.
الوجه الثالث : الناحية الصحية، هذه الناحية يجب أن يجيب عنها المختصون بعد دراستها من الجوانب المختلفة, ولكن الذي ظهر أن هناك من تضرر منه ومنهم من مات كذلك، وهذا وحده يكفي للقول بالمنع منه، وأما من يقال أنهم استفادوا منه، فإن القول بأن هناك شفاء حاصل به لا يمكن الجزم به إلا بعد مضي مدة كافية للتأكد من ذلك، حيث عرف أن الحالة النفسية لها تأثير كبير في المسألة، وقد يشعر المريض تحت التأثير النفسي بالارتياح من الأتعاب والأمراض مدة ثم تعود إليه كما كانت أو أزيد؛ لذا فإن الدعاية المنتشرة بأن هناك من يُشفى منه تبقى قريباً من الدعايات التي يروِّجها المشعوذون والعرافون، فتنطلي على أمم من الناس ثم يظهر زيفها.
الخلاصة :
لا يجوز للمسلم أن يساعد على انتشار هذا الفطر بدعاية أو مساعدة مادية أو مشاركة في توزيعه أو تعريف الناس بطريقة استعماله أو دلالتهم على مواطن وجوده؛ لأن ذلك من التعاون على الإثم والعدوان والله تعالى يقول: (وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) كما أنه لا يجوز استعماله كما سبق من الأوجه الثلاثة العقدية والفقهية والصحية، وعلى المسؤولين من ذوي الاختصاص الاجتهاد للتعرف على مصدره ومن يقوم وراءه، فربما كان اليهود وراءه كما هو شأن كثير من الدسائس التي تُدَسُ للمسلمين، وعليهم الضرب بيد من حديد على من يثبت تورطه في إدخاله إلى البلاد، إذا كان قاصداً الإضرار بالناس، والله أعلم.
2021-10-10 08:08:51