0

فتاوى

الرئيسية / فتاوى شئون وعادات/ خروج المرأة إلى السوق والعمل
خروج المرأة إلى السوق والعمل
السؤال :
ما حكم خروج المرأة إلى السوق والعمل واختلاطها بالرجال؟،وما حكم اختلائها بزملاء العمل؟
الإجابة
يجوز للمرأة أن تخرج للسوق لقضاء حاجاتها، ولا أعلم دليلاً يوجب أن يكون مع المرأة محرم عند خروجها من المنزل وإن كان ذلك أفضل وأما إن كانت مسافرة فإنه يلزم المحرم لحديث الصحيحين: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم.‘ وخروج المرأة لقضاء حوائجها وحدها يكون بشروط منها:
أن يكون ذلك بإذن من الزوج، وأن تأمن على نفسها‘ وألا تخرج متعطرة ولا متبخرة، وأن تلتزم بالحجاب الشرعي‘ فقد كانت نساء الصحابة يمشين إلى المسجد ويأتين النبي صلى الله عليه وسلم يستفتينه، ولم يكن معهن محارم، كما في حديث خولة لما جاءت تسأل عن الظهار، وغيره من الأحاديث.
هذا وأنبه إلى أن الأصل قرار المرأة في بيتها ولا تكونَ خرَّاجة ولَّاجة لقول الله تعالى:(وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) [الأحزاب:33]، وإنما يجوز خروجها للحاجة كما في حديث البخاري: قد أذن الله لكن أن تخرجن لحوائجكن.
وأما عمل المرأة فيجوز لها ذلك إن لم يكن هناك من ينفق عليها بشرط أن تأمن على نفسها فقد كانت النساء في زمن النبي صلى الله عليه وسلم يعملن ويتكسبن دون نكير منه صلى الله عليه وسلم وكانت تختلط بالرجال في الأسواق وفي الحج، وكانت النساء تخرج للصلاة في المسجد النبوي، ومعلوم قصة تلك المرأة التي ذهبت إلى سوق اليهود فجلست عند صائغ في حلي لها فعمد يهودي من بني قينقاع فجلس من ورائها وهي لا تشعر فربط درعها إلى ظهرها بشوكة فلما قامت المرأة بدت عورتها فضحكوا منها إلخ القصة (المغازي للواقدي ج1/176)
وأما اختلاط المرأة بالرجال في العمل وفي غير العمل فله ثلاث حالات :
الأولى: اختلاط النساء بمحارمهن من الرجال، وهذا لا إشكال في جوازه.
الثانية: اختلاط النساء بالأجانب لغرض الفساد، وهذا لا إشكال في تحريمه.
الثالثة: اختلاط النساء بالأجانب في: دور العلم والحوانيت والمكاتب والمستشفيات والحفلات ونحو ذلك، فهذا في الحقيقة قد يُظن في بادئ الأمر أنه لا يؤدي إلى افتتان كل واحد من النوعين بالآخر. ولكشف حقيقة هذا القسم فإنا نجيب عنه من طريق: مجمل، ومفصل.
أما المجمل : فهو أن الله تعالى جبَلَ الرجال على القوة والميل إلى النساء، وجبَلَ النساء على الميل إلى الرجال مع وجود ضعف ولين، فإذا حصل الاختلاط نشأ على ذلك آثار تؤدي إلى حصول الغرض السيء، لأن النفوس أمارة بالسوء، والهوى يعمي ويصم والشيطان يأمر بالفحشاء والمنكر.
وأما المفصل :
فالشريعة مبنية على المقاصد ووسائلها، ووسائل المقصود الموصلة إليه حكمه، فالنساء مواضع قضاء وطر الرجال‘ وقد سد الشارع الأبواب المفضية إلى تعليق كل فرد من أفراد النوعين بالآخر، وأدلة ذلك كثيرة في الكتاب والسنة منها :
أمر الله الرجال بغض البصر، وأمر النساء بذلك فقال تعالى: ﴿ قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ ۝ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾النور} 30-31 {.
وجه الدلالة من الآيتين : أنه أمر المؤمنين والمؤمنات بغض البصر، وأمره يقتضي الوجوب، ثم بين تعالى أن هذا أزكى وأطهر. ولم يعف الشارع إلا عن نظر الفجأة، فقد روى الحاكم في المستدرك عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: « يَا عَلِىُّ لاَ تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ فَإِنَّما لَكَ الأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الآخِرَةُ » قال الحاكم بعد إخراجه: صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه: ووافقه الذهبي في تلخيصه، وبمعناه عدة أحاديث .
وما أمر الله بغض البصر إلا لأن النظر إلى من يحرم النظر إليه زناً‘ فروى أبو هريرة رضي الله عنه‘ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « العينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخُطى» متفق عليه، واللفظ لمسلم. وإنما كان زناً لأنه تمتع بالنظر إلى محاسن المرأة ومؤد إلى دخولها في قلب ناظرها، فتعلق في قلبه، فيسعى إلى إيقاع الفاحشة بها. فإذا نهى الشارع عن النظر إليهن لما يؤدي إليه من المفسدة وهو حاصل في الاختلاط، فكذلك الاختلاط ينهى عنه لأنه وسيلة إلى ما لا تحمد عقباه من التمتع بالنظر والسعي إلى ما هو أسوأ منه.
أنه أمرهن بالقرار في بيوتهن، قال تعالى: ﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ﴾ الآية .
وجه الدلالة: أن الله أمر أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاهرات المطهرات الطيبات بلزوم بيوتهن، وهذا الخطاب عام لغيرهن من نساء المسلمين، لما تقرر في علم الأصول أن خطاب المواجهة يعم إلا ما دل الدليل على تخصيصه، وليس هناك دليل يدل على الخصوص، فإذا كن مأمورات بلزوم البيوت إلا إذا اقتضت الضرورة خروجهن، فكيف يقال بجواز الاختلاط على نحو ما سبق. على أنه كثر في هذا الزمان طغيان النساء وخلعهن جلباب الحياء، واستهتارهن بالتبرج والسفور عند الرجال الأجانب والتعري عندهم، وقَلَّ الوازع عن من أنيط به الأمر من أزواجهن وغيرهم.
.■ و من السنة قوله عليه الصلاة والسلام الذي رواه الإمام أحمد في المسند بسنده عن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي رضي الله عنهما أنها جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك . قال : « قد علمت أنك تحبين الصلاة معي وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي » . قال: فأمرت، فبنى لها مسجد في أقصى بيت من بيوتها وأظلمه، فكانت والله تصلي فيه حتى ماتت
وجه الدلالة : أنه إذا شرع في حقها أن تصلي في بيتها وأنه أفضل حتى من الصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه فلئن يمنع الاختلاط من باب أولى .
وروى مسلم والترمذي وغيرهما بأسانيدهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها »، قال الترمذي بعد إخراجه: حديث حسن صحيح .
وجه الدلالة : أن الرسول صلى الله عليه وسلم شرع للنساء إذا أتين إلى المسجد فإنهن ينفصلن عن الجماعة على حده، ثم وصف أول صفوفهن بالشر والمؤخر منهن بالخير. وما ذلك إلا لبعد المتأخرات عن الرجال عن مخالطتهم ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم، وذم أول صفوفهن لحصول عكس ذلك، ووصف آخر صفوف الرجال بالشر إذا كان معهم نساء في المسجد لفوات التقدم والقرب من الإمام وقربه من النساء اللاتي يشغلن البال وربما أفسدت به العبادة وشوشن النية والخشوع. فإذا كان الشرع توقع حصول ذلك في مواطن العبادة مع أنه لم يحصل اختلاط، فحصول ذلك إذا وقع اختلاط من باب أولى، فيمنع الاختلاط من باب أولى .
وروى أبو داؤود الطيالسي في سننه وغيره، عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بنى المسجد جعل باباً للنساء، وقال: لا يلج من هذا الباب من الرجال أحد » وروى البخاري في “التاريخ الكبير” عن ابن عمر رضي الله عنهما، عن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « لا تدخلوا المسجد من باب النساء » .
وجه الدلالة: أن الرسول صلى الله عليه وسلم منع اختلاط الرجال والنساء في أبواب المساجد دخولاً وخروجاً، ومنع أصل اشتراكهما في أبواب المسجد سداً لذريعة الاختلاط، فإذا منع الاختلاط في هذه الحال، ففيه ذلك من باب أولى .
روى البخاري في صحيحه، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كن إذا سلمن من المكتوبة قمن، وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله‘ فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال)
وجه الدلالة : أنه منع الاختلاط بالفعل، وهذا فيه تنبيه على منع الاختلاط في غير هذا الموضع .
فمن تأمل ما ذكرناه من الأدلة تبين له أن القول بأن الاختلاط لا يؤدي إلى فتنة إنما هو بحسب تصور بعض الأشخاص وإلا فهو في الحقيقة يؤدي إلى فتنة، ولهذا منعه الشارع حسماً لمادة الفساد .
ولا يدخل في ذلك ما تدعو إليه الضرورة وتشتد الحاجة إليه ويكون في مواضع العبادة كما يقع في الحرم المكي والحرم المدني، وهكذا في الجامعات حيث لا يوجد في بعض الدول فصل للإناث عن الذكور فإن ذلك يعد من الحاجات حيث تدرس المرأة الطب وغير ذلك من العلوم التي تكون سببا لعدم الاحتياج للأطباء الذكور، وهكذا العمل في المستشفيات حيث لا يوجد مستشفيات خاصة بالنساء، وفي كل هذه الأحوال على المرأة أن تكون حازمة وغير مسترسلة في الكلام مع الرجال، وأن يكون اختلاطها بالرجال بحسب الحاجة، ويحرم عليها أن تختلي بأحد من الرجال، لأن ذلك سبب في الفساد كما قال النبي صلى الله عليه وسلم :(ما اختلى رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما) نسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين، وأن يزيد المهتدي منهم هدى، وأن يوفق ولاتهم لفعل الخيرات وترك المنكرات، والأخذ على أيدي السفهاء، إنه سميع قريب مجيب، وصلى الله على محمد وآله وصحبه
2021-09-21 10:54:00
فتاوى : فتاوى الاختلاط   -  
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
65884

بيئة العمل والإختلاط

فتاوى مجتمع وأسرة / فتاوى فقه المرأة فتاوى شئون وعادات / فتاوى الاختلاط

علي بن محمد بارويس
63824

مصافحة كبار السن و الأقارب من النساء

فتاوى شئون وعادات / فتاوى الاختلاط

أحمد بن حسن سودان المعلم
66935

حرمة مصافحة زوجة الأخ

فتاوى شئون وعادات / فتاوى الاختلاط

أكرم بن مبارك عصبان
فتاوى لنفس المفتى / اللجنة
كود الفتوى عنوان الفتوى تصنيف الفتاوى المفتون
62573

كفارة اليمين

فتاوى شئون وعادات / فتاوى الأيمان والنذور

د. عقيل بن محمد زيد المقطري
62554

حلفت أن أزور أهلي وزوجي رفض

فتاوى شئون وعادات / فتاوى الأيمان والنذور

د. عقيل بن محمد زيد المقطري
63010

حرق الصراصير بالنار

فتاوى الجنايات والأقضية / فتاوى جنايات

د. عقيل بن محمد زيد المقطري
62340

حكم استعمال حبوب منع الحمل

فتاوى مجتمع وأسرة / فتاوى فقه المرأة

أحمد بن حسن سودان المعلم
62788

حكم الدرس الذي يقام في بيت الميت

فتاوى الإيمان ونواقضه / فتاوى عقائد شعبية

أحمد بن حسن سودان المعلم
63940

حكم اليمين

فتاوى الإيمان ونواقضه / فتاوى الإيمان

أحمد بن حسن سودان المعلم
فتاوى من نفس الموضوع