صحة صيام من سمع أذان الفجر وهو يأكل فأمسك
السؤال :
س:ما هو الدليل على ما ذهب إليه المتأخرون من علماء المذهب الهادوي على أن من سمع أذان الفجر وهو يأكل فأمسك بأن صيامه غير صحيح بخلاف من شاهد طلوع الفجر بنفسه فإن صيامه صحيح وما هو الدليل على من قال بأن من أمسك عن الطعام حال سماعه أذان الفجر فامسك بأن صيامه ص
الإجابة
ج:اعلم بأن الدليل على ما ذهب إليه المتأخرون من علماء المذهب الهادوي من أنَّ من سمع أذان الفجر وهو صائم فأمسك فصومه صحيح هو أن من شاهد طلوع الفجر بنفسه فأمسك فلم يأكل أو يشرب بعد طلوع الفجر فلم يبطل صومه بخلاف من كان يتناول الأكل أو يشرب فسمع المؤذن يؤذن الفجر فأمسك فإنه لم يمسك إلا بعد مضي دقيقه أو عدة دقائق على دخول الوقت للصوم فيكون قد أكل أو شرب في الدقيقة أو الدقائق التي رأى المؤذن فيها طلوع الفجر فأذن فسمع الصائم الأذان وهو يأكل أو يشرب فأمسك عن الأكل أو الشرب فوقت الفجر يكون قد دخل في الوقت الذي كان الصائم يأكل فيه أو يشرب هذا هو وجه التفرقة بين من أمسك عقب مشاهدته لطلوع الفجر فصح صومه وبين من سمع الأذان فأمسك عقب سماعه الأذان فلم يصح صومه عند علماء المذهب الهادوي المتأخرين الذي نص عليه صاحب البيان واختاره من جاء بعده من مقرري المذهب الذين عملوا رمزاً لاختياره وهي (الهاء والباء) المنقوطة بنقطة من أعلى وهذا هو دليلهم على أن صوم من أمسك عن الأكل أو الشرب بعد رؤية طلوع الفجر بنفسه فصومه صحيح وان صوم من امسك عن الأكل أو الشرب عقيب سماع المؤذن غير صحيح وهو احتجاج ضعيف كما سيأتي والراجح عندي هو القول الثاني وكذلك القول الثالث أيضاً لا بأس به وإن كان الأحوط هو القول الثاني والدليل على ما ذهب إليه أبو حنيفة والشافعي وابن حزم والهادوية المتقدمون وهو المنصوص عليه في البحر الزخار عن الإمام يحيى بن حمزة وغيرهم القائلين بأن من عرف أن وقت الفجر قد دخل فأمسك عن الطعام أو الشراب بأن صومه صحيح بلا فرق بين أن يكون عرف دخول الوقت بمشاهدة طلوع الفجر أو بسماعه الأذان وان القرآن الكريم قد نص على جواز الأكل أو الشرب في وقت السحر حتى يتبين للصائم الخيط الأبيض من الخيط الأسود فإذا تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود بطلوع الفجر حرم الأكل أو الشرب أو غيرهما من المحرم على الصائم ومن كان في أرض منخفضة أو داخل بيته لا يتبين له الفجر إلا بسماع الأذان قال ابن حزم في (كتابه المحلى) بعد أن ذهب إلى هذا القول ما نصه برهان ذلك قول الله عز وجل (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشروا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام إلى الليل)( ) قال وهذا نص ما قلنا لأن الله تعالى أباح الوطء والأكل والشرب إلى أن يتبين الفجر ولم يقل حتى يطلع الفجر ولا قال حتى ينشق الفجر فلا يحل لأحد أن يقوله ولا أن يوجب صوماً بطلوعه ما لم يتبين للمرء إلى آخر كلامه الذي احتج به بحديث فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر وغيره من الأحاديث الدالة على جواز الأكل والشرب حتى يتبين الفجر وقال أيضاً فنص عليه السلام على أن ابن أم مكتوم لا يؤذن حتى يطلع الفجر وأباح الأكل إلى أذانه فقد صح بأن الأكل مباح بعد طلوع الفجر ما لم يتبين لمريد الصوم طلوعه وذكر بعد ذلك عدة أحاديث مرفوعة وموقوفة تؤيد قوله المذكور سابقاً والذي خلاصته بأن المدار هو على تبين طلوع الفجر لا على طلوع الفجر نفسه وقد احتج بحديث فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم من جاء بعده من العلماء الذين يذهبون إلى جواز الأكل والشرب حتى يتبين الفجر بأي نوع من البيان ومنه سماع المؤذن وذلك مثل السيد سابق مؤلف كتاب فقه السنة وغيره ولكن ابن حزم زاد في الاحتجاج على رأيه بالاستدراك بحديث إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجة منه وهو حديث صحيح دال على صحة ما ذهب إليه ابن حزم وغيره وزيادة على ذلك كما سيأتي الكلام عليه في ذكر أدلة أهل القول الثالث وهم القائلون بجواز الأكل والشرب حال سماع الأذان وبأنه لا مانع للصائم من الأكل والشرب والمؤذن في حال أذان الفجر الصادق الذي يؤذن به المؤذنون أشعاراً بدخول وقت صلاة الفجر وهذا القول الثالث هو الذي رجحه وأيده العلامة الألباني في آخر المجلد الثالث من كتابه الأحاديث الصحيحة حيث قال ما نصه الإمساك عن الطعام قبل أذان الصبح بدعه ثم ذكر "إذا سمع أحدكم النداء والإناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه" أخرجه أبو داود وابن جرير الطبري في التفسير وأبو محمد الجوهري في الفوائد المنتقاة والحاكم والبيهقي من طرق عن حماد ابن سلمة عن محمد بن عمر عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ﷺ فذكره . هذا وممن صحح حديث أبي هريرة المذكور السيوطي في الجامع الصغير حيث رمز له بحرفي الصاد والحاء ووافقه الألباني في صحيح الجامع الصغير كما صححه أيضاً في تخريج مشكاة المصابيح بعد أن صححه في الأحاديث الصحيحة .
2021-08-25 08:15:51