قصة (عوج بن عنق)
السؤال :
س:نرجو من العلماء الأفاضل أن يفتونا مشكورين في سيرة عوج ابن عنق ومع أيِّ نبي من الأنبياء كان وكيف كان حجمه ومعاملته لجيل عهده وكم تعمر لأنه مذكوراً في بعض الأحاديث النبوية ولم نجد له أي سيره أو ذكر في القرآن العظيم فنطلب الإجابة ولكم الشكر؟|
الإجابة
ج:هذا "عوج بن عنق" أو "عوج بن عوق" قد ذكره بعض علماء اللغة ووصف بعض صفاته وصفاً مختصراً ومجملاً أما علماء القصص الذين أرخو لعصر ما قبل الإسلام مثل مؤلف كتاب (نفائس العرائس) ومؤلف كتاب (بدائع الزهور) وغيرها فقد ذكروا بعض أوصافه بصفة مطوله وخيالية وتكلموا عن العصور التي عاش فيها كلاماً يمجه السمع ويخالف نص القرآن والسنة النبوية المطهرة على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والسلام ومع الأسف الشديد أن بعض المفسرين قد قلدوا القصصين فذكروا تلكم الأوصاف الخيالية التي وضعها القصاص في تفاسيرهم للقرآن الكريم وذلك مثل الكرماني وغيره من المفسرين الذين ذكروا قصة عوج بن عنق أو عوج بن عوق عن ابن عباس ومثل ابن المنذر والثعلبي والقرطبي الذين ذكروا قصته عن ابن عمر وهكذا ذكرها من المفسرين أيضا البغوي والخازن وابن عطية وغيرهم كما ذكر بعض صفاته الشيخ ابن حبان احد المحدثين المشهورين في كتاب (العظمة) بسند إلى التابعي وهب ابن منبه رحمه الله وكلها من الإسرائيليات التي ادخلها بعض من اسلم من أهل الكتاب وروجها من جاء بعدهم وأغتر بها الكثير من العامة والقليل من المؤلفين وقد قيل أنه من بقية قبائل عاد وقيل من العمالقة كما قالوا عن طوله أنه كان ثلاثة آلاف ذراع وثلاثمائة ذراع وثلاثة وثلاثين ذراعاً وثلث ذراع . وقيل ثمانائة ذراع وأن عرضه أربعمائة ذراع . كما قالوا عن عمره أنه تعمر ثلاثة آلاف سنة وستمائة سنه كما قالوا أن أمه إحدى بنات سيدنا آدم وأنه عاش إلى أيام نوح عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام ثم عاش بعد الطوفان إلى أيام موسى بن عمران عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام علماً أن بين بنت آدم عليه السلام وبين موسى بن عمران آلاف الأعوام وبناءً على أن الشيخ ابن حبان قد ذكر هذه القصة عن وهب وأسندها فقد تبرى من العهدة بذكره لسندها ولكن حيث ذكر أن في سندها عبدا لمنعم ابن إدريس عن أبيه عن وهب رحمه الله فهي قصة باطله غير صالحه للاحتجاج على فرض أنها مرفوعة إلى رسول الله ﷺ فكيف وهي من قول وهب ابن منبه الذي كان يروي الإسرائيليات عن أهل الكتاب كما بينه حفاظ السنة النبوية المطهرة على صاحبها وعلى آله أفضل الصلاة والسلام وقد اختلف أهل اللغة في أسمه وفي أسم والده على قولين :
فقيل إن اسمه عوج وقيل اسمه عوق كما قيل في اسم والده انه عنق وقيل (عوق) قال المجد في القاموس في مادة (عوج) (وعوج بن عوق) بضمهما رجل ولد في منزل آدم فعاش إلى زمن موسى وذكر من عظيم خلقه قال في تاج العروس هذا هو الصواب لا كما اشتهر أنه ابن عنق كما سيأتي للمصنف (أي صاحب القاموس) في عوج وقال القزار في جامع اللغة عوج بن عنق رجل من الفراعنة كان يوصف من الطول بأمر شنيع قال الخليل رحمه الله ذكر أنه كان إذا قام كان السحاب له مئزراً وقال في القاموس في مادة عوق وعوق كنوح والدعوج الطويل ومن قال عوق ابن عنق فقد أخطأ قال في تاج العروس هذا الذي خطأه هو المشهور قال شيخنا وزعم قوم من حفاظ التاريخ أن عنقاً هي أم عوج وعوق والده فلا خطا ولا غلط وفي شعر علقمة الدمشقي المتوفى سنة (597) .
أعور الدجال يمشي خلف عوج بن عناق
ذكر معنى هذا المحقق أبو غدة في تعليقاته على المنار المنيف للحافظ ابن القيم رحمه الله.
وقد ذكر هذه القصة (قصة عوج بن عنق) السيوطي في الأوج في أخبار عوج وتعقبها بقوله هذا الخبر باطل كذب آفته (عبد المنعم) قال الذهبي في الميزان قصاص ليس يعتمد عليه تركه غير واحد وأفصح أحمد بن حنبل فقال كان يكذب على وهب ابن منبه وقال البخاري ذاهب الحديث وقال ابن حبان يضع الحديث على ابنه وعلى غيره وقال الحافظ بن حجر في اللسان نقل ابن أبي حاتم عن إسماعيل بن عبدا لكريم قال مات إدريس وعبد المنعم رضيع وكذا قال أحمد عند أن سئل عنه لم يسمع من أبيه شيئاً وقال ابن معين كذاب خبيث وقال الفلاسي متروك وقال أبو زرعة وأهم الحديث وقال أبو أحمد الحاكم ذاهب الحديث وقال ابن المديني والنسائي ليس بثقة انتهى . قال السيوطي وما رأيتهم أوردوا حديثاً من روايته إلا حكموا عليه بالبطلان وفي كتاب الموضوعات لابن الجوزي كثير بل ذكر ابن الجوزي أن أباه ادريساً أيضاً متروك مسقط هذا الخبر بالكلية إلى آخر ما قاله السيوطي رحمه الله والخلاصة لما جاء في جوابي هذا ينحصر فيما يلي:
(1) اسم هذا الرجل "عوج بن عنق" وقيل "عوج بن عوق" وقيل غير ذلك .
(2) قيل هو من بقية قبيلة عاد وقيل من العمالقة وقيل من الفراعنة .
(3) قيل عن طوله أنه 3333 ذراعاً وثلث ذراع وقيل 800 ذراع وعرضه 300 ذراع .
(4) قيل أنه تعمر 3600سنه وقيل عاش من أيام بنت آدم والدته إلى أيام موسى .
(5) قرر ابن القيم في المنار وابن كثير في البداية والنهاية أن جميع ما روي عن هذا الرجل باطل وموضوع .
(6) قرر السيوطي أن ما رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب العظمة عن وهب من وصفه لهذا الرجل موضوع .
(7) ما قيل عنه أنه عاش من أيام نوح إلى أيام موسى مخالف لما جاء في القرآن من أن ذرية نوح هم الباقين بعد الطوفان ولما تقرر من هدر جميع قوم نوح الذين عادوه .
(8) لا التفات إلى ذكر قصة هذا الرجل في كتب التفسير ولا حجة لمن ذكرها من المفسرين للقرآن كابن المنذر والكرماني والثعلبي والقرطبي والبغوي والخازن وابن عطية وغيرهم والله ولي الهداية والتوفيق وسبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم.
2021-08-25 08:14:56