(.. قوله تعالى: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم
السؤال :
س:في قوله تعالى: (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون)( ) لأن بعض الناس يتوهمون أن الأولياء هم من بنيت على قبورهم قباب أو مساجد لذلك فإنهم لجهلهم يتبركون ويتوسلون بأصحاب هذه القبور، ويتناسون أنهم لا يملكون لأنفسهم نفعاً ولا ضراً، وأن النافع والضار هو الله وحده. فنطلب ردكم على هذا؟|
الإجابة
ج:قد سبق الرد عليه في العام الماضي والحقيقة أن السائل أو الطالب لمعرفة من هم الأولياء سيجد كل مؤلف من مؤلفي الصوفية يسند أقوال في تفسير الأولياء، ومن حاول أن يطلع على تراجم الأولياء ليعرف سيرتهم وعلومهم ومعارفهم سيجد العجائب والغرائب، ويخرج متحيراً مما يحكى عنهم من العجائب والغرائب، ويعرف أن يعض من أطلقوا عليهم أولياء ليسو بأولياء كما يعرف أن منهم من كانوا أولياء لله حقيقة كما في (طبقات الشعراني)، ولكن من رجع إلى القرآن الكريم لا بد وأن يعرف أن أولياء الله هم الذين آمنوا بالله وبكتبه وبرسله وباليوم الآخر مهما كانوا متقين الله لأن القرآن قد صرح بذلك التفسير وبين من هم الأولياء أوضح بيان حيث قال (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) ثم عقب على هذه الآية الكريمة بآية أخرى تبين معنى هذه الآية حيث قال عز وجل (الذين آمنوا وكانوا يتقون)( ) فإن قيل لنا من هم الأولياء أو من هم أولياء الله فنقول لهم أولياء الله "هم الذين آمنوا وكانوا يتقون" فإذا قيل لك قد قال فلان إنهم العلماء أو المتصوفون أو الزهاد فقل لهم أجل لقد قال بعضهم إن أولياء الله هم العلماء وقال آخرون أنهم الزهاد وقال فريق: هم رجال الطريقة وهلم جراً.
ولكن الله قد قال في محكم كتابه موضحاً من هم الأولياء الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون إنهم "الذين آمنوا وكانوا يتقون" وإذا قيل لك قد رجح فلان أنهم أهل السنة أو رجح فلان أنهم الزهاد أو العباد أو الصوفية، أو أنهم الذين آمنوا بالله وكانوا من المتقين،فليكن جوابك إذا كان فلان قد رأى الأولياء هم رجال السنة ورأى فلان أنهم العباد أو الصوفية فالمسألة خلافية وقد قال الله تعالى (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله)( ) وقد ردينا هذه الأقوال التي تنازع الناس فيها عن الأولياء من هم رديناهم إلى الله فوجدناه يقول في بيان ما اختلفوا فيه وفي إيضاح ما تنازعوا عليه (ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون) ثم يقول عقب هذه الآية: (الذين آمنوا وكانوا يتقون) وهذا من باب تفسير القرآن بالقرآن، وإذا رجعنا إلى كتب السنة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام وجدنا الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول في جواب السؤال الذي سئل به عن الإيمان ما هو قال: (الإيمان هو أن تؤمن بالله وملائكته ورسله وكتبه وباليوم الآخر فيكون ما في الكتاب العزيز وفي السنة النبوية هادماً لكل قول مهما كان قائله، وكيفما كانت درجته من العلم والمعرفة والعرفان.
إذا قالت حذامى فصدقوهـا فإن القـول ما قالت حـذام
وإذا جاء نهر الله بطل نهر معقل وعند شمس الضحى لاحظ للسرج
إذا عرفت هذا فالولي هو من آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وكان ممن يتقي الله ويخشاه سواءً كان ممن عمر الملوك أو السلاطين أو العامة على قبره قبة أو بنوا على قبره مسجداً أو اتخذ المخرفون من الناس ضريحه مزاراً أو شدوا إلى قبره الرحال أو توسل به النساء والرجال وسواءً كان قبره من القبور المجهولة أو كان المحل الذي يوجد فيه أو قبر فيه من المحلات المعمورة فلا علاقة ولا ملازمة بين رفع القبور واتخاذها مساجد أو شد الرحال إليها أو التوسل بأصحابها وبين فضل المقبور وكونه من أولياء الله فهذا شيء وتلك أشياء أخرى هذا وإن الاعتقاد في صاحب القبر أنه ينفع أو يضر أو التوسل به إلى الله أو شد الرحال إلى القبر أو رفع القبر أكثر من شبر كل ذلك حرام سواء كان المقبور عالماً أو جاهلاً والأدلة على ذلك كثيرة قد ذكرتها في عدة فتاوى سابقه.
لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو ناراً نفخت بها أضاءت ولكن أنت تنفخ في رماد
2021-08-17 08:53:35